المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكرى الاسراء والمعراج


khaledlharbi87
04-12-2018, 10:26 PM
ذكرى الاسراء والمعراج

https://www.alislah.ma/media/k2/items/cache/71a9e98d4e6cf4ddd13cd1f933ca53f3_M.jpg


كلما حل الأسبوع الأخير من شهر رجب، تذكر المسلمون حدث الاسراء والمعراج، وتداوله الناس في مجامعهم وجوامعهم، مبرزين أهمية هذا الحدث، وسياقه، وفوائده ودروسه. إن الإسراء والمعراج من معجزاتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فالإسراء قد ثبَتَ بنصِّ القرءانِ والحديث، فيجبُ الإيمان بأنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَسرى الله بهِ ليلاً من مكَّةَ إلى المسجدِ الأقصى، وغالبية المفسرين ربطوا هذا الحدث بقول الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" وقوله تعالى: "ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى". فالاسراء كان من بيت الله الحرام مكة المكرمة، الى المسجد الأقصى، بيت المقدس ليصلي هنالك، ثم يُعرج به الى السموات العلى، ويتلقى من ربه.
الاسراء والمعراج كان بالروح والجسد



الذي ثبت عند علماء المسلمين أن الاسراء والمعراج كان بالروح والجسد معا ويقظة، وليس حلما، كما أدعى ذلك المشركون الذين كذبوا ما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحدث في ملخصه، كما ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان نائما في الحطيم إذ جاءه جبريل فهمزه بقدمه، فقام معه، فخرج به إلى باب المسجد فإذا دابة بيضاء يقال لها البراق، وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله، فحمله عليه، ثم خرج معي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفوتني ولا أفوته، حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم، وقيل ثم أتي بإناءين في أحدهما خمر وفي الآخر لبن، فأخذت إناء اللبن فشربت منه، فقال جبريل عليه السلام: هُديت للفطرة وهديت أمتك يا محمد. ثم بعد ذلك عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم. وعندما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وأخبر أهل قريش الخبر، ارتد كثيراً ممن كان أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر، فقالوا له هل لك يا أبي بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة ؟ فقال أبو بكر: إنكم تكذبون عليه! قالوا بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس، فقال أبو بكر: والله لئن كان قالها فقد صدق، فما يعجبكم من ذلك! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر لياتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعةٍ من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله. أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال نعم، قال يا نبي الله فصفه لي؟ فإني قد جئته – فقال رسول الله فرفع لي حتى نظرت إليه – فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئاً، قال صدقت، أشهد أنك رسول الله، حتى إذا انتهى قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق.



اقتران حدث الاسراء والمعراج بفرض الصلاة


شهد حدث الاسراء والمعراج فرض الصلاة، فكانت في البدء فرض خمسين صلاة، ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم وجد موسى عليه السلام في طريقه، فقال له ماذا فرضَ اللهُ على أُمَّتِكَ، قال: خمسين صلاة قال: ارجع وسل التخفيف، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت، فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى، فقال مثله. فرجعت فوضع عنى عشراً، الى أن صارت خمس صلوات. فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: بخمس صلوات كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، فأرجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. قال: سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم.


إن اقتران الصلاة بحدث الاسراء والمعراج، يجعل الصلاة في منزلة مقدرة ومعتبرة، فهي اسراء ومعراج، من حيث أن المسلم ينتقل من بيته الى بيت الله لأداء الصلاة جماعة نهارا وليلا، ولما يدخل المسلم في صلاته، تعرج روحه وصلاته الى الله تعالى.


ربط المسجد الحرام بالمسجد الاقصى


ذكر بن كثير في تفسيره لسورة الإسراء، عند قوله تعالى : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" (الإسراء 1) أن المسجد الأقصى هو بيت المقدس الذي بالقدس مصدق الأنبياء من لدن إبراهيم عليه السلام، ولهذا جُمعوا له هناك فأمهم في محلتهم ودارهم ، فدل على أنه هو الإمام الأعظم والرئيس المقدم صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين. وهذا فيه اشارة الى منزلة المسجد الاقصى عند الأمة الإسلامية وهو الذي كان أولى القبلتين للمسلمين، وأحد المساجد التي يشد اليها الرحال، فهو اليوم مازال أسيرا ومرتهنا ومغلوبا على أمره، ينتظر فرج الله ولطفه به، من تسخير الارادات لتحريره وإرجاعه الى أصحابه الشرعيين.


فكلما تأتي مناسبة الاسراء والمعراج الا واستحضر المسلمون قاطبة مكانة المسجد الأقصى في العقيدة الاسلامية، وما يرمز ذلك الى معاني الولاء والتضحية في سبيل تخليصه من أيادي المعتدين.


والحمد لله رب العالمين.