المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سجل:ألتـــــآآآريخ!!!


فتى الشرقيه
04-26-2018, 02:27 AM
http://media.linkonlineworld.com/img/large/2015/8/23/2015_8_23_16_31_8_566.jpg
لو قلبنا سجل التاريخ لوجدنا صفحات كثيرة ملئت بالأحداث والوقائع المؤلمة بين المسلمين أنفسهم، وليس إلا لاختلاف في مذهب، أو نصرة لرأي، أو تعصب لعالم، ونحو ذلك، وكم خسر المسلمون من مصالح جراء تلك الوقائع، ونسأل الله أن لا يعيد التاريخ على نمط تلك الصفحات..
أمضى النبي صلى الله عليه وآله في غار حراء لياليَ طويلة متأملاً في الكون وعجيب صنعه، مقارنًا لعجيب المفارقة بين نظم الكون ودقة تركيبه وصنعته، وبين الفوضى التي يعيشها الناس في محيطه.
كانت تأملات فارقة بين عقليته صلى الله عليه وآله وبين عقول من عداه، وكانت أيضًا تهيئةً له للانتقال من التفكر والمقارنة إلى إعادة التناسق بين نظام الكون وحياة أهل الأرض بالرسالة الخالدة.
تلك التأملات لم تكن لتنقطع أبدًا عند ذوي الألباب، بل هي الوسيلة العادلة لتقويم الخلل، وتعديل الزلل.
وجاء الإسلام نظامًا منضبطًا متوافقًا مع حاجات البشر، ولم يلحق النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الأعلى إلا وقد ترك أمته على محجة بيضاء، وخلفه عليها خلفاء زكاهم هو بأقواله وأفعاله صلى الله عليه وآله.
وكل من أوتي إدراكاً وتمييزاً يحتاج إلى أوقات يعيش فيها مع النفس، يتأمل ويقارن ما بين ذلك الإسلام المتقن في أحكامه السديد في نظامه، وبين الحالة الفوضوية التي يعيشها كثير من المسلمين على كل الأصعدة.
ولا نتوسع في الحديث عن كل ما نراه ونسمعه وإنما نقتصر على «نمط الحياة النبوية» ويسرها وإنسانيتها، ومزجها بين الجد والمرح، والشدة واللين، شدة من غير عنف، ولين من غير ضعف، وذلة للإخوة من غير خنوع!
كانت حياتهم مزيجاً من العبادة والترويح عن النفس، بين البكاء والضحك، بكاء من هول الوعيد، وضحك وابتسامة لعظيم الموعود، مزيجاً بين عمارة الدنيا، والاستعداد للآخرة.
ترسم فيها (فأعط كل ذي حق حقه) فلم يؤثر سيرهم إلى الله على الارتباطات الأسرية، والزيارات والتعارف، «اللقاءات الاجتماعية» على مستوى الأسرة والجيران وأهل الحي، بل كان هذا جزءاً من دينهم، وتفسيرًا عمليًا لقول المولى: (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا).
كان فقه الصحابة والتابعين مؤصلًا ومبنيًا على هذه الأرضية السهلة، ونحن اليوم مع بعد الفارق الزمني نحتاج لتلك التأملات الشرعية لنقف على حقيقة الفرق بين ما لحق الفقه الإسلامي من التشعبات وبين الإسلام نفسه!
ولو قلبنا سجل التاريخ لوجدنا صفحات كثيرة ملئت بالأحداث والوقائع المؤلمة بين المسلمين أنفسهم، وليس إلا لاختلاف في مذهب، أو نصرة لرأي، أو تعصب لعالم، ونحو ذلك، وكم خسر المسلمون من مصالح جراء تلك الوقائع، ونسأل الله أن لا يعيد التاريخ على نمط تلك الصفحات.
إن الفقه الإسلامي واسع الأرجاء، فسيح المآخذ، وما ذلك إلا ليتسع للبشرية على أصناف خلقتهم، فقد خلقوا من الأرض من سهلها وصعبها وأسودها وأبيضها وصلبها ولينها، فكان الفقه الإسلامي كذلك، ليس نمطًا واحدًا مفصلاً على «حاد الطبع» أو مُقاسًا «لذي روح مرحة» بل لكل نفس فيه ما يلائم طبيعة خلقتها، وحين كان زواجٌ في بيت من بيوت الأنصار قال النبي صلى الله عليه وآله « يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو» وهذه ميزة فيهم قد يشاركهم فيها كثير من الشعوب التي خلقت أجسادها على طبيعة سهلة وملهية كالسواحل والمدن وغير ذلك، ولا يعني أن لهم إسلامًا آخر، بل يعني أن تتغير المعاملة مع هؤلاء بفتح ما يتوافق مع نفوسهم من المباح.
حين التأمل لاستنتاج الفروق بين ما نسلكه وبين الإسلام نجد أن الأئمة من العلماء فهموا معنى «شمولية الدين» فنجدهم مختلفين في أشياء ومتفقين في أخرى لكن لم تكن الفوضى الفقهية قد رفعت عقيرتها.
إننا حين نتأمل في حياة كثير من شعوب العالم تتكلم قلوبنا «يا ليتنا نستطيع ضبط إيقاع الحياة مثلهم» بينما ألسنتنا تقدح في نمط حياتهم إلحاقًا لها بأديانهم، وكأن الإسلام جاء ليبقينا متربصين بكل ما نراه من تطور ثم نعمد لمخالفته، خلطًا منا بين الدين والدنيا، وارتيابًا منا بقدراتنا الفكرية والأدبية والأخلاقية على مجاراة الآخرين. هذا، والله من وراء القصد.
---------------------
اللهم صل:علي سيدنامحمدوبارك
عليه افضل الصلاة والتسليم..
الخميــــس10شعبآآآن1439هــــ..