المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصمت بين الزوجين يدمر صحتهما النفسية والجسدية


بست قرين
12-18-2006, 11:14 AM
أصبحت ظاهرة الصمت بين الزوجين شبه عالمية تتحدث عنها كل المجلات والدراسات الاجتماعية الموجهة الى المرأة والاسرة، وذلك لما لها من اثر حقيقي في علاقة الزوجين، بل على صحتهما النفسية والجسدية ايضا.
وقد اكدت الابحاث ان تسعا من كل عشر سيدات يعانين صمت الازواج وانعدام المشاعر من جانبهم، كما اشارت الاحصاءات ايضا الى ان 79% من حالات الانفصال تعود الى عدم تعبير الزوج عن عواطفه للزوجة وعدم وجود حوار يربط بينهما.

قد يرجع هذا الصمت الى الاختيار الخاطئ او السريع وعدم فهم الطرفين بعضهما لبعض بشكل جيد، فيحدث الانسحاب بعد الزواج، وقد يرجع ايضا الى تركيز كل منهما على ذاته والاهتمام برغباته الشخصية من دون مراعاة للطرف الاخر. كما قد تؤثر الهموم المادية على نفسية الزوجين او احدهما، فينطوي وينشغل بها عن علاقته بالطرف الاخر. ويظن البعض ـ معظمهم من الرجال ـ ان الافعال تغني عن الاقوال. واحيانا يصل الحب بين الازواج الى درجة الاحساس بالملكية ومحاولة الاستحواذ الكامل على شريك الحياة، متناسين ان الحب يرتوي ويترعرع بالكلمات الجميلة وتبادل الآراء والمشاركة الوجدانية والاخذ والعطاء.
هل الرجال هم الاكثر صمتا؟
ظل الرجل وحده على رأس الاسرة لعهود طويلة من دون شريك يتحاور معه بندية، وكانت المرأة تتحدث الى امها او اخواتها او صديقاتها، فاكتسبت خبرة وتدريبا على مر التاريخ في حسن التعبير عن مشاعرها، في حين يعتبر هذا مجالا جديدا على الرجل الذي ظل مشغولا بتأمين الاسرة اقتصاديا خارج المنزل.
كان الرجل يحقق ذاته في العالم الخارجي بأشياء مادية يمكن للجميع رؤيتها، اما المرأة فكانت تحقق ذاتها من خلال مسؤوليتها عن العالم الداخلي وعلاقة الاسرة بعضها ببعض وتوافقها.
وتغير طبيعة الحياة هو الذي احدث موجة الشكوى من صمت الرجل وانعدام الحوار. فقبل عدة اجيال كانت المرأة تشعر بالرضا اذا ما وفر لها الرجل دخلا معقولا ولم يسئ لها او يضربها او يتزوج عليها. اما في هذا العصر فصارت توقعات السعادة مفتوحة ومتعددة الجوانب واذا لم يلبها الزوج كلها يصبح في نظر زوجته شريكا سيئا.
واحيانا تكون الزوجة سببا في الخرس الزوجي حين لا تنتقي الوقت والكلمات المناسبين للحوار، فينتهي نقاشهما بمعركة كلامية تجعل الزوج يضرب عن الحديث داخل المنزل الا للضرورة، ويتجنب فتح اي موضوعات مع زوجته.
فكي الحصار عن كل الأسرة
لن تؤثر حالة الصمت الرهيب هذه على الزوج والزوجة فقط، فتهدد حياتهما معا، لكنها تلقي بظلالها الكئيبة على الابناء ايضا، فقد اكدت اكثر من دراسة ان الطفل الذي ينشأ في اسرة تفتقد التواصل الكلامي - فن الحوار - لن يستطيع ان يحسن التعبير عن نفسه، وقد يصبح انطوائيا لا يمكنه اقامة علاقات ببساطة مع الآخرين.
كما ان كثرة الصدام بين الزوجين بعد انعدام الحوار بينهما تؤدي الى نشوء اطفال فاقدي الحس الاسري، وقيمة الحياة الاسرية، فيهرب الكثير منهم خارج المنزل للتخلص من مشاكل الابوين، ولكن حين يكون هدف الزوجين واحدا وهو تربية الابناء ومناقشة افضل السبل لضمان تعليمهم وصحتهم وكل ما يتعلق بهم مهما كان صغيرا فهذا يزيد من التقارب والحب.
تحدثي إليه بلغته
كشف العديد من الدراسات ان الموضوعات التي يحب الرجل الحديث عنها تختلف عما تحب المرأة فنجد ان 60% من الرجال يتحدثون عن الرياضة والسياسة والقضايا المطروحة على الساحة بينما 18% منهم فقط يتحدثون عن انفسهم وحياتهم الخاصة.
اما النساء فتفضل 41% منهن الحديث عن المشاعر والعلاقات الانسانية.
وقد ثبت ايضا ان كلا من المرأة والرجل لديه لغة مختلفة وربما كان ذلك من الاسباب الرئيسية للتباعد بينهما، فالمرأة ذات طبيعة عاطفية تفضل استرجاع المواقف الرومانسية الحالمة وتحب التحدث عنها مع الرجل، الزوج، الذي تحبه! بعكس الزوج الذي يجد صعوبة في تذكر التفاصيل التي تشكل الصورة في حياة المرأة مثل شكل الاثاث او الوان المفروشات ونوع الزهور الذي كان يزين المائدة.
حلي عقدة لسانه
تحاورا في كل ما يخص كل منكما ثم اعلني عن راحتك الشديدة وشعورك بالرضا والامان بعد ان تنتهي من الحديث والفضفضة وحاولي ان تمارسي معه هواية تكون سببا في تبادل حوار مشترك بينكما ولتكن القراءة او متابعة نوعية معينة من الافلام.
وللسفر والتنزه داخل البلاد وخارجها التأثير نفسه، كما يمكن استثمار القصص النادرة التي تكون البطولة فيها للاولاد اثناء براءة الطفولة او شقاوة المراهقة فهي حقل جذاب للحوار على ان يبدأ الحديث بكلمات رقيقة جميلة ظاهرها مفردات قصيرة وباطنها حنان وحب ورغبة في التواصل، مثلا:
- انا والابناء في انتظارك على الغداء وحتى الرابعة.
- ابناؤنا يكبرون، هل لاحظت كيف طالت قامة محمود وكم زاد وزن علي؟!
أولادنا، بيتنا، غرفتنا، مفتاح منزلنا، ما اروع الجمل التي تتردد وتحتوي على 'نا' و'نحن' فهي تشعر الزوج بجو الأسرة.
لغة تبعث على التباعد
ابتعدي عن الجمل التي تبني عوائق بينك وبين زوجك وتقضي على التواصل بينكما، مثل:
- التقيت بصديقتي أمس واتفقت معها على الذهاب الى السوق. لا تنس ان تترك لي المال.
- لا تضعني في الحسبان فلن اذهب الى اقاربك لانني لا أطيق الجلوس معهم.
- اختك قالت (..) وأمك تنظر إلي، من أين تنفق ابنة خالتك كل هذه الاموال!
- عفوا مشاكل عملك تخصك وحدك فلا تشغلني بها أرجوك.
- اعجبني طقما ذهبيا في أحد المحلات، اترك لي نقودا كي اشتريه.
- سنذهب انا والاولاد للنادي هل تأتي معنا؟
- لا احب هذا النوع من الحلويات، لا تشتريه مرة ثانية او تناوله بمفردك.
- صديقك اتصل مرتين ولا اذكر اسمه.
- عمل وتعب وسهر وملل ولا استطيع، كلها كلمات لا احب ان اسمعها.
- اصبحت اضيق بكثرة مكالمات اصدقائك واقاربك ولن ارد عليهم بعد ذلك.
من أجل حوار أفضل
حتى يكون منطلق الكلام من قلب محب متفهم ملؤه العواطف والثقة في الشريك يجب ان تشعري زوجك بقبولك له كما هو من دون تغيير، ومنحه الإحساس برضاك عنه بدلا من اشعاره بالفشل في علاقتك معه. وابتعدا عن الغيرة المدمرة والتعامل الغاضب واجعلا الاحترام المتبادل السلوك السائد بينكما، فلا للكلمات اللاذعة والنابية مهما بلغت الخلافات.
يجب المحافظة على خصوصية كل طرف مع تجنب الاستحواذ على اي شيء من دون الطرف الآخر.
تقهمي مشاعر زوجك ولا تقللي من اهميتها لديك، حيث يظهر ذلك في اختيارك للألفاظ، ولا تلوميه من قريب او بعيد على عدم سعادتك، وبأنه لم يعد فارس احلامك، ولا تذكريه دائما بما تقومين به من مسؤوليات واعباء وكأنه لا يقدر ما تقدمينه للأسرة، واجعليه يشعر بأنك تفهمين كل كلمة يقولها وكل تصرف يفعله