خطبة الجمعة...أُولَى الْقِبْلَتَيْنِ
[frame="1 98"]
خطبة الجمعة [/frame]بتاريخ 26 من المحرم 1435الموافق 29 / 11 / 2013م أُولَى الْقِبْلَتَيْنِ <table border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" width="98%"><tbody><tr><td background="mwaextraedit4/frames/r4.gif"> </td> <td style="padding:5" background="mwaextraedit4/frames/4.gif" width="100%"> إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [ آل عمران: 102]. )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1]. )يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [الأحزاب:70-71]. أَمَّا بَعْدُ: فإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ r، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ. فَأُوصِيكُمْ - عِبَادَ اللهِ - وَنَفْسِي بِتَقْوَىاللهِ تَعَالَى، فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنََّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. أُمَّةَ الإِسْلاَمِ: حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ جُرْحٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَعْمَارِنَا،سَنَتَحَدَّثُ الْيَوْمَ عَنْ جُرْحِنَا النَّازِفِ، سَنَتَحَدَّثُ عَنِ الأَقْصَى الْجَرِيحِ، فَالْمَسْجِدُ الأَقْصَى خَصَّهُرَبُّنَا بِالْمَآثِرِ الْكَرِيمَةِ،وَالْفَضَائِلِ الْعَظِيمَةِ، وَالْبَرَكَاتِ الْوَفِيرَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَصَفَ الْمَسْجِدَ الأَقْصَى فِي كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِالْبَرَكَةِ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ فِي الْخَيْرِ وَالْمِنَحِ وَالْهِبَاتِ، قَالَ تَعَالَى: )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( [الإسراء:1]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِعَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي هِجْرَتِهِ الأُولَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِلاَدِ الشَّامِ: )وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ( [الأنبياء:71]، وَفِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- يَقُولُ تَعَالَى: )وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ( [الأنبياء:81]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ عَلَى لِسَانِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -: )يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ( [المائدة:21]. وَمِنْ فَضَائِلِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، أَنَّهُ ثَانِي الْمَسَاجِدِ وَضْعاً فِي الأَرْضِ بَعْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ t قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ»، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى»، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَمِنْ فَضَائِلِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى: أَنَّهُ قِبْلَةُ الْمُسْلِمِينَ الأُولَى، وَهُوَ مَسْرَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ r، وَكَانَ فِيهِ أَعْظَمُ اجْتِمَاعٍ فِي التَّارِيخِ، اجْتَمَعَ فِيهِ r مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَالْرُّسُلِ - عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-، وَصَلَّى بِهِمْ جَمِيعاً إِمَاماً فِي لَيْلَةِ الإِسْرَاءِ، وَهُوَ مِنَ الْمَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ الَّتِي يُشْرَعُ شَدُّ الرِّحَالِ إِلَيْهَا بِقَصْدِ الْعِبَادَةِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ r، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى»، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الاِهْتِمَامِ الَّذِي أَوْلاَهُ الرَّسُولُ r لِلأَقْصَى الْمُبَارَكِ، حَيْثُ رَبَطَ قِيمَتَهُ وَبَرَكَتَهُ مَعَ قِيمَةِ وَبَرَكَةِ هَذَيْنِ الْمَسْجِدَيْنِ. وَمِنْ فَضَائِلِهِ أَيْضاً: أَنَّ أَجْرَ الصَّلاَةِ فِيهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَجْرِ الصَّلاَةِ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ. أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ فَضَائِلِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى: أَنَّ إِتْيَانَهُ بِقَصْدِ الصَّلاَةِ فِيهِ يُرْجَى أَنْ يُكَفِّرَ الذُّنُوبَ، وَيَحُطَّ الْخَطَايَا؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «لِمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللهَ ثَلاَثاً: حُكْماً يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكاً لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَنْ لاَ يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ فِيهِ؛ إِلاَّ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، فَقَالَ النَّبِيُّ r: «أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ]. كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ r بَشَّرَ بِفَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمِنْ مُؤَيِّدَاتِ هَذِهِ الْبِشَارَةِ حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ t عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ...» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]. وَالْقُدْسُ حَاضِرَةُ الْخِلاَفَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ الأَزْدِيِّ t قَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللهِ r يَدَهُ عَلَى رَأْسِي أَوْ قَالَ: عَلَى هَامَتِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلاَفَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلاَزِلُ وَالْبَلاَيَا وَالأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ]. إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ: إِنَّ شَأْنَ الْقُدْسِ شَأْنُ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ بِنَصِّ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ r؛ فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ فِي تِلْكَ الأَرْضِ الْمُبَارَكَةِ، يُقَابِلُهُ وَاجِبُ النُّصْرَةِ بِكُلِّ صُوَرِهِ؛ فَالْحُجَّةُ تَبْقَى قَائِمَةً مَعَ الْحَقِّ وَأَهْلِهِ، وَعَلَى الظُّلْمِ وَأَهْلِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. وَلَعَلَّ مَا كَانَ مِنِ اسْتِقْبَالِ الْمُسْلِمِينَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فِي الصَّلاَةِ -أَوَّلاً- تَنْبِيهٌ لَهُمْ إِلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْقِيَامُ بِهِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: مِنَ الْحِفَاظِ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يُدَنَّسَ برِجْسِ الْوَثَنِيَّةِ أَوِ الْمَعَاصِي، وَلِتَبْقَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَالِدَةً فِي أَذْهَانِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لاَ تُنْسَى مَا بَقِيَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ يُتْلَى، وَمَا بِقَيَتْ قُلُوبُهُمْ عَامِرَةً بِالإِيمَانِ وَالتَّقْوَى. وَلَقَدْ مَكَّنَ اللهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ فَتْحَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي عَهْدِ الصَّدْرِ الأَوَّلِ؛ فَأَقَامُوا فِيهِ الصَّلاَةَ، وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَثَبَتَ دِينُ اللهِ فِي الأَرْضِ، وَمَا زَالَ -وَالْحَمْدُ للهِ تَعَالَى- كَذَلِكَ، وَإِنْ قَامَ الطُّغْيَانُ فِيهِ وَصَالَ وَجَالَ؛ فَإِنَّهُ لاَ بُدَّ زَائِلٌ, كَمَا أَذِنَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: )فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا( [الإسراء:5-6]. إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ بَقِيَ وَسَيَبْقَى إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى عَلَى الرَّغْمِ مِنَ الْمِحَنِ الَّتِي عَصَفَتْ وَتَعْصِفُ بِالْمُسْلِمِينَ: حِصْنَ الإِسْلاَمِ وَمَعْقِلَ الإِيمَانِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. بَارَكَ اللهِ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخطبة الثانية أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَبِالتَّقْوَى نَنَالُ الْعِزَّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ: لاَ تَزَالُ أُمَّتُكُمُ الإِسْلاَمِيَّةُ هَدَفاً لِلأُمَمِ الْكَافِرَةِ، وَالشُّعُوبِ الْبَاغِيَةِ، يَسْعَوْنَ فِي إِبَادَتِهَا، وَيَحْصُدُونَ خَيْرَاتِهَا، وَيَنْتَهِكُونَ مُقَدَّسَاتِهَا، اسْتَعْمَلُوا كُلَّ أَسَالِيبِ الإِبَادَةِ، فَمَرَّةً بِالإِبَادَةِ الشَّامِلَةِ، وَمَرَّةً بِالْحَرْبِ الْفِكْرِيَّةِ، وَمَرَّةً بِإِثَارَةِ الضَّغَائِنِ وَالأَحْقَادِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَلَمْ تَزَلْ كُلُّ أَلْوَانِ الْحَرْبِ الْمُعَاصِرَةِ تُسْتَخْدَمُ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ. أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ رُزِئَتِ الأُمَّةُ بِالْيَهُودِ الْمُعْتَدِينَ فِي الأَرْضِ الْمُبَارَكَةِ فِلَسْطِينَ، فَقَدْ سَلَبَ أُولَئِكَ الْخَوَنَةُ مِنَ ذَلِكَ الشَّعْبِ الْمُسْلِمِ أَرْضَهُ، وَشَرَّدُوهُ مِنْ مَسَاكِنِهِ، وَاعْتَدَوْا عَلَى مَسَاجِدِهِ وَمُقَدَّسَاتِهِ، بَلْ سَامُوهُ سُوءَ الْعَذَابِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا( [المائدة:82]. إِنَّ قَضِيَّةَ فِلَسْطِينَ قَضِيَّةُ الْقَضَايَا، وَهِيَ قَضِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ الأُولَى فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَالْقُدْسُ رَمْزُ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ، وَالأَقْصَى رَمْزُ مَدِينَةِ الْقُدْسِ، إِنَّ الْقُدْسَ الشَّرِيفَ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّ التَّفْرِيطَ فِيهِ تَفْرِيطٌ فِي دِينِ اللهِ، وَسَيَسْأَلُ اللهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ عَنْ هَذِهِ الأَمَانَةِ إِنْ فَرَّطُوا فِي حَقِّهَا أَوْ تَقَاعَسُوا عَنْ نُصْرَتِهَا وَرِعَايَتِهَا. إِنَّ الأَرْضَ الْمُبَارَكَةَ بِمَسْجِدِهَا الْمُقَدَّسِ لَنْ تُحَرِّرَهَا مُؤْتَمَرَاتٌ تُقَامُ هُنَا أَوْ هُنَاكَ، يَعْقِدُهَا مَنْ سَعَرُوا الْحُرُوبَ لإِشْبَاعِ نَزَوَاتِهِمْ؛ وَإِنَّمَا الأَمَلُ فِي اللهِ تَعَالَى، ثُمَّ فِي رِجَالٍ مُؤْمِنِينَ مُرَابِطِينَ فِي الأَرْضِ الْمُبَارَكَةِ، قَدْ تَحَمَّلُوا عَنِ الأُمَّةِ كُلِّهَا مَسْؤُولِيَّةَ الدِّفَاعِ عَنِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، فَفَدَوْهُ بِدِمَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. مَا وَهَنَتْ لَهُمْ عَزِيمَةٌ، وَلاَ لاَنَتْ لَهُمْ عَرِيكَةٌ، جَوَّعَهُمْ أَهْلُ الأَرْضِ عَلَى مَا اخْتَارُوا فَصَبَرُوا وَمَا ضَجِرُوا.. هَدَمَ الْيَهُودُ دِيَارَهُمْ، وَأَتْلَفُوا زُرُوعَهُمْ، وَفَعَلُوا بِهِمْ مَا لاَ يَحْتَمِلُهُ غَيْرُهُمْ، وَهُمْ صَابِرُونَ صَامِدُونَ مُرَابِطُونَ، فَلَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَقُّ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ بِأَنْ يُفْرِّجَ اللهُ تَعَالَى كُرْبَتَهُمْ، وَيُقَوِّيَ عَزِيمَتَهُمْ، وَيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَيَنْصُرَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ، وَيُحَرِّرَ الأَقْصَى عَلَى أَيْدِيهِمْ )وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ( [آل عمران:126]، كَمَا أَنَّ لَهُمْ عَلَى الأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ حَقَّ النُّصْرَةِ، فَكُلُّ مَنْ يَنْصُرُهُمْ إِنَّمَا يَنْصُرُ دِينَهُ وَيُدَافِعُ عَنْ مُقَدَّسَاتِهِ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: )وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ( [الأنفال:72]. يَا قُدْسَنَا الْمَحْبُوبَ عُــذْراً إِنَّنَـا تِهْنَا عَلَى دَرْبِ الْخِلاَفِ كَمَا تَرَى وَقَفَتْ سُدُودُ الْخَائِنِينَ أَمَامَنَـا فَاعْذُرْ فَإِنَّ الشَّهْمَ مَنْ قَــدْ أَعْــذَرَا مَهْمَا تَعَدَّدَتِ الْمَشَارِبُ حَوْلَنَا مَهْمَـا تَطَاوَلَ ظَـالِـــمٌ وَتَجَبَّـــــرَا فَلَسَوْفَ تَبْقَى أُمَّتِي مَنْصُـورَةً تَرْنُـو بِعَيْنِهَـا إِلَــى أُمِّ الْقُــــــرَى أَوَلَـــمْ يُبَشِّرْهَا الرَّسُـولُ بِأَنَّهَـا سَتَظَلُّ أَقْوَى فِي الْوُجُودِ وَأَقْـــدَرَا سَتَظَـلُّ طَائِفَـةٌ عَلَى إِيمَانِهَـــا مَنْصُورَةً تَبْنِـي الْكِيَانَ الأَكْـــــبَـرَا إِنَّ الْمُسْتَقْبَلَ لِهَذَا الدِّينِ بِلاَ مُنَازِعٍ، لَكِنَّهُ لاَ يَتَحَقُّقُ بِالْمُعْجِزَاتِ السِّحْرِيَّةِ، وَإِنَّمَا بِالْعَمَلِ وَالْبَذْلِ للهِ مِنْ مُنْطَلَقَاتٍ صَحِيحَةٍ عَلَى مَنْهَجِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَإِنَّ مِحْنَةَ فِلَسْطِينَ لَيْسَتْ هِيَ الأُولَى وَلاَ الأَخِيرَةَ، فَقَدْ تَعَرَّضَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ لِمِحَنٍ كَثِيرَةٍ وَقَاسِيَةٍ, وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ تَسْتَسْلِمْ لِلْجِرَاحِ وَلَمْ تَيْأَسْ, وَظَلَّتْ تُكَافِحُ وَتُجَاهِدُ حَتَّى نَصَرَهَا اللهُ عَلَى أَعْدَائِهَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ]. أَلاَ فَلْتَهُبَّوا جَمِيعاً لِنُصْرَةِ قَضِيَّةِ الْقُدْسِ، وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ. هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.</td></tr></tbody></table> |
[frame="2 98"]
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشْدٍ، يُعَزُّ فِيهِ أَهْلُ الطَّاعَةِ، وَيُذَلُّ فِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ، وَيُهْدَى فِيهِ أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَ الْبِلاَدِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَاجْعَلِ بلادنا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.[/frame] |
|
|
إنتقاء رائع من مبدعة كـ أنتي
تقديري و ورودي لكِ يانقاء |
|
اقتباس:
|
|
اللهم صل وسلم على حبيبي محمد
جزاك الله خير اخوووي ماننحرم يارب |
الساعة الآن 10:27 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir