أخي الشاب :
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
فاستعن بالله واسلك طريق الحق , واغرس قدميك فيه فوالله إن السعيد من وفقه الله على هذا الطريق مع أهل البطولة والرجولة ..
وهنا وقفة على هذه القاعدة (( ليس كل ذكر رجل )) لأن الرجال هم من وصفهم الله عز وجل بقوله (( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة .....)) الآية , وإلا لكان التيس يعد من الرجال , فيا شباب إن أخواتكم المسلمات في فلسطين والعراق وفي كل مكان ينتظرون وثبتكم فجردوا سيوفكم فلا تدخلوها في أغمادها إلا بإحدى الحسنيين :
إما عيش وسعادة ..
وإما موت واصطفاء بالشهادة ..
إن الجهاد لا يستقيم إلا على شباب الأمة الأخيار المؤصلين ..
فالشباب : هم عماد الأمة بعد الله عز وجل ومعقد آمالها , هم وقود الحرب والجهاد ..
الشباب : هم أمل الحاضر وجيل المستقبل , فهم بالإعداد قادرون على أن يبدلوا وجه الكون ..
الشباب : في كل مكان وفي كل زمان وفي كل أدوار التاريخ إلى زماننا هذا هم عماد الإسلام , وسر نهضته , ومبعوث عزه وحضارته , وحامل لوائه ورايته , وقائد جحافله إلى النصر والمجد .
الشباب : هم رأس مال الأمة , وعدتها وعتادها , وحاضرها ومستقبلها, وهم ثروة الأمة التي تفوق ثرواتها ومواردها كلها .
إذن .. إذا أدركت الأمة وأدركنا كيف نحافظ على هذه الثروة وكيف ننميها ونرعاها وكيف نوجهها ونستفيد منها ونفيدها , استطعنا أن نؤدي الرسالة المطلوبة على أكمل وجه , فتسعد في دينها ودنياها .
وإن لم نوجهها التوجيه الصحيح وتركناها تتخبط في المتاهات تعست في دينها ودنياها .
تنبيه :
وعندما أذكر بأن الاعتماد على الله ثم على الشباب , فإن هذا لا يعني إغفال دور الرجال والكهول أو بخسهم حقهم أو الإقلال من شأنهم حاشا لله .
أخي الشاب :
فإن سرت على هذا الدرب القويم وأنت موقنٌ للصواب , وعلى توجيهٍ و تبيان , فلا يغرك نعق الغربان من الرويبضة والقاعدون والمرجفون في المدينة , فهاك بعض الردود على حججهم التي ما عادت تنطلي على العامة فضلاً عن الخاصة , لأنهم والله أحقر مما يذكرون , ولكن جعلناها للذين مازالت قلوبهم مرتابة :
س- إن قالوا أنتم صغار متسرعون مغرر بكم ؟
ج- قل : إن العصبة المؤمنة التي تركزت في دار الأرقم من فجر الدعوة الأولى كانوا شباباً متكهلون في شبابهم ,غضيضة عن الشر أعينهم , بعيدة عن الباطل أرجلهم , أنضاء عبادة وجماعة خلق , وأمة صبر وتبليغ وجهاد .
إن الإسلام لم ترتفع في الإنسانية رايته .. ولم يمتد في الأرض سلطانه .. ولم تنتشر في العالمين دعوته إلا على يد العصبة المؤمنة من الشباب التي تربت في مدرسة النبي وتخرجت من جامعته الشاملة .
ولا تفسد أمة وتهلك في الهالكين إلا حين يفسد أجيالها , ولا ينال الأعداء من أمة إلا إذا نالوا من شبابها وصغارها , كيف لا والتاريخ شاهد على ذالك فمما يذكر أنه : حينما أراد النصارى الإغارة على بلاد الأندلس أرسلوا عين لهم ينظر في أحوال أهل الأندلس , فذهب هذا الجاسوس فلما دخل وجد فتا ًيبكي قال له هذا الجاسوس ما يبكيك قال : كان على هذه الشجرة عصفورين فرميتهما بسهم فلم أصب إلا واحد فأنا أبكي حيث لم أصب الآخر, فخرج هذا الجاسوس إلى قومه وقال لهم لا طاقت لكم بهم يعني (( هذا حال صغارهم فكيف بكبارهم )) ثم عاد هذا الجاسوس بعد مدة من الزمن فرأى فتاً يبكي قال له الجاسوس وما يبكيك فقال : إن الفتاة التي كنت أعشقها اختارت غيري , فخرج الجاسوس مسرعاً يقول لقومه الآن تسقط الأندلس , فصدق وهو كذوب , فلو نظر هذا الجاسوس إلينا فماذا سيقول ..؟!!
س- وإن قالوا مراهقين , وعرفوا لكم هذه المراهقة بأنها فتره من القلق والصراع النفسي يمتد من قبيل البلوغ وحتى العشرين من العمر , وأنها عاصفة تهز كيان المراهق كله ؟
فقل :
ج- إن سن الخامسة عشر من العمر قد أوجبت علية الشريعة الأحكام وإن لم يحتلم , وتجري عليه ما يجري على الرجال من أحكام القتال وغيرها .. وميزة هذا السن أنه سن الإبداع والطاقات المتفجرة .
ولقد ضرب لنا سلفنا الصالح أروع الأمثلة في مختلف أساليب الدعوة من علم وتضحية وجهاد وغيرها ولم يبلغوا سن العشرين , بل كان بعضهم لم يبلغ الخامسة عشر من عمره .
كانوا فتياناً بعمر الورود حينما تحملوا العذاب والإظطهاد في سبيل عقيدتهم في جنبات مكة المكرمة فمنهم مصعب ابن عمير , والزبير ابن العوام , وطلحة الخير , وسعد ابن أبي وقاص , وعلي ابن أبي طالب وغيرهم كثير .
فقد تحملوا الجوع والعطش وهم محاصرين في شعب أبي طالب بل جاهدوا حتى أنهم يأكلون أوراق الشجر ولم يتجاوزوا سن الخامسة عشر من أعمارهم .
أما عمار ابن ياسر , وبلال ابن رباح , وخباب ابن الأرت فقد لاقوا من العذاب ألواناً وهم صابرون لا يغير ذالك من دينهم شيء ,فهذه تطبيقات واقعية تدحض أقوال الزاعمين بأن فترة المراهقة فترة أزمات وصرا عات , وأن التربية الموزونة تحت مضلة العقيدة قد حولت صغار ذالك الغرس إلى مجاهدين بررة ، بل إلى قادة للجيوش الإسلامية تنشر التوحيد في ربوع الأرض كما كان الصغار في فجر الدعوة يتسابقون إلى ساحات الجهاد كما يتسابق شباب اليوم إلى ساحات الملاعب الترفيه والطرب .
وهل سمعتم بشاب يبكون لأنهم ردوا عن ساحات المعارك ولما يبلغوا الحلم بعد , وهل تغلب أمة هذا شأن صغارها فكيف بكبارها :
أولئك آبائي فاجأني بهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
كان معاذ ابن الحارث ومعوذ أخوه وهما أبنا عفراء , كانا شابين من شباب الأنصار شهدا معركة بدر الكبرى .. قال الشابان لعبدا لرحمن ابن عوف قبل بدأ المعركة : يا عم أتعرف أبا جهل قد بلغنا أنه كان يسب الرسول فدلهما عليه .. وعندما حمي الوطيس شد الشابان على عدوا الله فوقع صريعاً وأجهز عليه عبد الله ابن مسعود .
شباب في سن المراهقة لا يرضون لهمتهم أقل من قائد معسكر الشرك وصنديد هم آن ذاك .
وهاهو أسامة كان قائداً لجيش عظيم ولاه عليه نبينا ، ولكنه توفي فأنفذ هذا الجيش أبا بكر الصديق لمحاربة الروم في الشام , كان أبو بكر يجله ويكرمه وكلما لقاه قال له : السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله توفي النبي وأنت علي أمير .
قصص البطولة عند أبناء هذه المرحلة لا تنتهي , ماذا يقول أهل الجهل أمام هؤلاء الصبيان , وعلى هذا ينبغي أن يكون شبابنا اليوم .
يا شباب : ألم يكونوا هؤلاء صغار فتيان مراهقين عاطفيين ؟؟؟؟؟!!!
فيا سبحان الله .. حي هلا ومرحبا بمراهقة دكدكة عروش الطغيان والصلبان , وحي هلا بعاطفة هبت نصرة للمستغيثين فتلطخت أيديهم بقطع رؤوس اليهود الملاعين و المنافقين وأعوانهم , فأثابهم الله رفعة وقدرا .
ومن يتهيب صعود الجبال يعيش أبد الدهر بين الحفر
فمن الناس من تتمنى أن تحركهم العاطفة ولو 1% ولكن هيهات , لقد زالت عن قلوب الناس الأحاسيس وكأنهم يمضغون لحم الخنزير فأفقدهم الغيرة عن دين لله .
فيا لله العجب !!.. ويأتيك من يظن أن التناسي عن هذه القضايا هو الحل يتعلل بكلمة ( ربك يصلح الحال ) و ( ما باليد حيله ) وما يعلم أنه في فوهة المدفع , إذن نجلس ونترك الجهاد ونجلس كالعجائز نشق الجيوب ونلطم الخدود وننتظر ((المهدي)) مع المرجئة .. وغيرهم من هؤلاء الطوائف الهالكة في الجحيم , فمثله كمثل الذي يجلس في خط النار في ساحة المعارك والحمم والطلقات تمر من فوق رأسه ومن بين جنبيه ولا يستطيع أن ينسحب ثم يقول لن يصيبني شيء ؟؟؟ فهل سيسلم حقاً ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!
حتماً سيأتيه حتفه طلقة تفرق بين أذنيه , فهل نفعه تجاهل الأخطار التي حوله !
فما أجمل هذه العبارة (( المنية ولا الدنية )) ..
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد
احذر : أخي الشاب أن يكون أبا جهل أعلم منك بـ(( لا إله إلا الله محمد رسول الله)) في القصة المشهورة لما حضرت الوفاة عم النبي أبا طالب دخل عليه رسول الله فوجد عنده صناديد الكفر وعلى رأسهم أبا جهل , فقال الرسول لهم : قولوا كلمة تدين لكم العرب والعجم ! قالوا وما هي قال (( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله )) فنفض ثيابه أبا جهل وقال أجعل الآلهة إله واحداً , فنزلت الآية , فلماذا لم يقولها أبا جهل لأنه يعرف مقتضاها وما ينافيها .
- - - - - -