الوفى فى القرآن
وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم
وضح الله للمؤمنين أن يفوا أى يتموا بعهد الله إذا عاهدوا وهى العقود أى أحكام الله إذا أعلنوا طاعتهم له
وفى هذا قال تعالى :
"وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم "
و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا
طلب الله منا أن نفى بالعهد والمراد أن نطيع الدين ووضح لنا أن العهد كان مسئولا والمراد أن الدين وهو الإسلام كان مفروضا علينا طاعته
وفى هذا قال تعالى :
"و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا "
وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم
طالب الله بنى إسرائيل بذكر نعمته أى الوفاء بعهده أى بطاعة وحيه وذلك حتى يوفى بعهدهم أى يحقق ميثاقهم والمراد حتى يعطيهم ثوابهم الذى أخذه على نفسه حين واثقهم وهو نصرهم فى الدنيا والأخرة
وفى هذا قال تعالى :
"وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم "
بلى من أوفى بعهده
وضح الله لنا أن الجنة هى لمن أوفى بعهده أى أتم ميثاق الله أى اتقى أى أطاع دين الله وفسر هذا بأنه يحب المتقين أى يرحم المطيعين لدينه بإدخالهم الجنة
وفى هذا قال تعالى :
"بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين"
ومن أوفى بما عاهد الله عليه
وضح الله لنبيه (ص)أن من أوفى بما عاهد الله عليه والمراد وما عمل ما واثق الرب عليه وهو النصر فسيؤتيه الله أجرا عظيما والمراد فسيدخله الله مسكنا كبيرا هو الجنة
الذين يوفون بعهد الله
وفى هذا قال تعالى :
"ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما"
وضح الله أن الذين يوفون بعهد الله والمراد الذين يطيعون حكم الله وفسرهم بأنهم لا ينقضون الميثاق أى لا يخالفون العهد وهو حكم الله وفسرهم بأنهم الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل والمراد الذين يطيعون الذى أوصى الله به أن يطاع
وفى هذا قال تعالى :
"الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق "
والموفون بعهدهم إذا عاهدوا
وضح الله أن الموفون بعهدهم إذا عاهدوا هم الطائعون لحكم ربهم إذا علموا به
وفى هذا قال تعالى :
"والموفون بعهدهم إذا عاهدوا "
أوفوا بالعقود
نادى الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فقال أوفوا بالعقود والمقصود اتيعوا المواثيق والمراد أن أطيعوا الأحكام الإلهية
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود "
وأوفوا الكيل
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم وأوفوا الكيل والميزان بالقسط والمراد وأتموا العمل أى الفعل بالعدل وهذا يعنى أن يعملوا العمل كما أراد الله أن يعمل بالعدل حتى يتقبله منهم
وفى هذا قال تعالى :
"وأوفوا الكيل والميزان بالقسط "
فأوفوا الكيل والميزان
وضح الله أنه أرسل لمدين أخاهم وهو صاحبهم شعيب(ص)فقال لهم :يا قوم أى يا شعبى اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أى اتبعوا حكم الله ليس لكم من خالق سواه والغرض من القول هو إخبارهم بوجوب طاعة حكم الله وترك طاعة ما سواه من الأحكام وقال وقد جاءتكم بينة من ربكم والمراد وقد أتتكم آية معجزة دالة على صدقى وقال فأوفوا الكيل والميزان والمراد فأطيعوا العدل أى القسط وهو حكم الله
ومن أوفى بعهده من الله
وفى هذا قال تعالى :
"وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان"
سأل الله ومن أوفى بعهده من الله والمراد ومن أتم لقوله من الرب ؟والغرض إخبارنا أن الرب هو أفضل من يفى بالعهد
وفى هذا قال تعالى :
"ومن أوفى بعهده من الله "
وبعهد الله أوفوا
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم بعهد الله أوفوا أى بعدل الله وهو عقد الله اعملوا مصداق لقوله بسورة المائدة"أوفوا بالعقود"
وفى هذا قال تعالى : "وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون"
أوفوا المكيال
وضح الله أن شعيب (ص)قال للقوم :يا قوم أى يا شعبى أوفوا المكيال أى الميزان بالقسط والمراد افعلوا الحكم أى الفرض الإلهى بالعدل وهذا يعنى أن يعملوا حكم الله ونيتهم من العمل العدل وهو ثواب الله وليس غير هذا
وفى هذا قال تعالى :
"ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط "
ألا ترون أنى أوفى الكيل
وضح الله أن يوسف (ص)جهز اخوته بجهازهم والمراد حمل لاخوته الأحمال على رحالهم ثم قال لهم ائتونى بأخ لكم من أبيكم والمراد أحضروا لى أخ لكم من والدكم ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين أى ألا تعلمون أنى أحسن الوزن وأنا أفضل الوازنين
وفى هذا قال تعالى :
"ولما جهزهم بجهازهم قال ائتونى بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين "
مزجاة فأوف لنا الكيل
وضح الله أن الاخوة لما دخلوا عليه أى حضروا عند يوسف (ص)قالوا له يا أيها العزيز أى الوزير مسنا وأهلنا الضر والمراد أصابنا وأسرنا الجوع بسبب الأخ السارق وجئنا ببضاعة مزجاة والمراد وأحضرنا سلعا ممتازة فأوف لنا الكيل والمراد فأعطنا الوزن وهذا يعنى أنهم أتوا لمبادلة السلع بالطعام وأنهم يريدون العدل فى المبادلة وتصدق علينا والمراد وأحسن إلينا إن الله يحب المتصدقين والمراد إن الله يرحم المحسنين
وفى هذا قال تعالى : "فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين "
وأوفوا الكيل إذا كلتم
طلب الله منا أوفوا الكيل إذا كلتم والمراد أطيعوا العهد إذا رضيتم به وفسر هذا بأن يزنوا بالقسطاس المستقيم والمراد أن يعملوا بالدين العدل
وفى هذا قال تعالى :
"وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا "
أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين
وضح الله أن شعيب (ص)قال لقومه :أوفوا الكيل أى احكموا بالعدل وفسر هذا بقوله لا تكونوا من المخسرين أى لا تصبحوا من المعذبين
وفى هذا قال تعالى :
"أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين "
ثم يجزاه الجزاء الأوفى
"وضح الله أن ليس للإنسان إلا ما سعى والمراد وأن ليس للفرد إلا جزاء ما عمل فى الدنيا إن خيرا فخير وإن شرا فشر وأن سعيه سوف يرى والمراد وأن عمل الفرد سوف يعلم أى يشاهد من قبله ومن قبل غيره فى الآخرة فى كتابه المنشور ثم يجزاه الجزاء الأوفى والمراد ثم يدخله المقام العادل وهو المناسب لعمله
وفى هذا قال تعالى :
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى
يوفون بالنذر
وضح الله أن الأبرار يوفون بالنذر والمراد يتمون العهد والمراد يطيعون ميثاقهم مع الله
وفى هذا قال تعالى :
"يوفون بالنذر "
ووفيت كل نفس ما كسبت
سأل الله عن حال القوم إذا بعثهم فى يوم القيامة كيف إذ جمعناهم أى بعثناهم فى يوم لا ريب فيه أى لا ظلم فيه لأحد ووفيت كل نفس ما كسبت أى وأعطى كل فرد جزاء ما عمل فى الدنيا وهم لا يظلمون أى وهم لا ينقصون من حقهم شيئا؟
وفى هذا قال تعالى :
"فكيف إذ جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"
ووفيت كل نفس ما عملت
وضح الله أنه فى القيامة وفيت كل نفس ما عملت والمراد وأعطى كل فرد أجر ما كسب
وفى هذا قال تعالى :
" ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون "
ووجد الله عنده فوفاه حسابه
وضح الله أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله أعمالهم وهى أفعالهم تشبه سراب بقيعة وهو خداع البقعة اللامعة على بعد والذى يحسبه الظمآن ماء والمراد والذى يظنه العطشان ماء للشرب فيظل سائرا للوصول له حتى إذا جاءه أى وصل مكان الخداع كانت النتيجة أنه لم يجد شيئا والمراد أنه لم يلق الماء موجودا وأصل التشبيه هو أن الأعمال تشبه سراب بقيعة فكلاهما خادع وحسبان الظمآن ماء هو رمز ظن الكافر أن أعماله السيئة حسنة ومجىء الظمآن للسراب وعدم وجود شىء عنده هو رمز لذهاب الكافر إلى جزاء الله بعد الموت وعدم لقيانه لثواب الأعمال التى كان يظنها حسنة ووضح الله له أن الإنسان وجد الله عند السراب والمراد أن الكافر لقى عقاب الرب عند الموت وفسر هذا بأنه وفاه حسابه أى أعطاه أى أدخله عقابه والله سريع الحساب أى شديد العقاب
وفى هذا قال تعالى :
"والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه "
وإنما توفون أجوركم يوم القيامة
وضح الله أن كل نفس ذائقة الموت والمراد أن كل مخلوق مصاب بالانتقال من الدنيا إلى للبرزخ أو الآخرة وهو ما يسمى الوفاة ،ووضح أننا نوفى أجورنا يوم القيامة والمراد أننا نعطى جزاء أعمالنا فى يوم البعث
وفى هذا قال تعالى :
"كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة "
وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم
وضح الله للمؤمنين أنهم ما ينفقوا من شىء فى سبيل الله والمراد ما يعملوا من عمل خير فى نصر دين الله يوف إليهم أى يوجد أجره لهم عند الله وأنتم لا تظلمون والمراد وأنتم لا تنقصون حقا من أجركم
وفى هذا قال تعالى :
"وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون "
وما تنفقوا من خير يوف إليكم
وضح الله للمؤمنين أن ما ينفقوا من خير يوف إليهم والمراد ما يعملون من عمل صالح يعطى لهم ثوابه وهم لا يظلمون أى لا ينقص من حقهم أى شىء مهما كان صغيرا
وفى هذا قال تعالى :
"وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون"
إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
وضح الله أنه إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب والمراد إنما يدخل المسلمون جنتهم بدون فزع أى عقاب مصداق لقوله بسورة النمل "وهم من فزع يومئذ آمنون"
وفى هذا قال تعالى :
"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"
وإبراهيم الذى وفى
سأل الله أم لم ينبأ بما فى صحف موسى (ص)وإبراهيم (ص) الذى وفى والمراد هل لم يخبر بالذى فى كتب موسى (ص)وإبراهيم (ص)الذى عدل ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أن هذا الكافر عرف بالذى فى صحف إبراهيم (ص)وموسى (ص)ولكنه كفر بها
وفى هذا قال تعالى :
"أم لم ينبأ بما فى صحف موسى وإبراهيم الذى وفى "
وليوفوا نذورهم
وضح الله أنه قال لإبراهيم (ص)أن الزوار يأتوا ليشهدوا منافع لهم والمراد ليحضروا فوائد لهم أى ليأخذوا من رزق الله وهو اللحم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام والمراد ويطيعوا حكم الله وهو الوحى فى أيام محددات فى ما أعطاهم من ذبيحة الأنعام وحكم الله فى بهيمة الأنعام هو أن الله قال للحجاج فكلوا منها واطعموا البائس الفقير والمراد اطعموا منها أى أن يأكلوا جزء من ذبيحة الأنعام والجزء الأخر يعطوه للإنسان المحتاج العاجز عن الكسب،وبين له بقية أسباب الحج وهى أن يقضوا تفثهم أى يوفوا نذورهم والمراد ليكملوا مواثيقهم وبألفاظ أخرى ليعملوا بقية أعمال الحج كالسعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ،وليطوفوا بالبيت العتيق أى وليتواجدوا فى كل مكان فى المسجد الحرام
وفى هذا قال تعالى :
"ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق "
وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص
طلب الله من نبيه(ص)ألا يكون فى مرية مما يعبد الكفار والمراد ألا يصبح فى شك من الذى يتبع الكفار ووضح له أنهم يعبدون كما يعبد آباؤهم والمراد أنهم يتبعون كما كان يتبع آباؤهم وهو أهواء أنفسهم ووضح له أنه موفيهم نصيبهم غير منقوص والمراد معطيهم جزاء أعمالهم غير مبخوس وهذا يعنى أنه يعطيهم حقهم كاملا لا يظلمهم فيه شيئا
وفى هذا قال تعالى :
"فلا تك فى مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص"
الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون
وضح الله لنا أن الويل للمطففين والمراد العذاب وفسرهم بأنهم إذا اكتالوا على الناس يستوفون أى إذا تعاملوا مع الخلق يستكملون والمراد إذا كان لهم حقوق عند الخلق أخذوها كاملة
وفى هذا قال تعالى :
"ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون "
إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم
وضح الله للمؤمنين أن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم والمراد أن الذين تنقلهم الملائكة من الدنيا إلى عالم الغيب تسألهم الملائكة:فيم كنتم ؟والمراد كيف عشتم فى الدنيا؟فيجيبون:كنا مستضعفين فى الأرض والمراد كنا أذلاء فى البلاد من السادة نتبع كفرهم فتقول الملائكة لهم ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها والمراد ألم تكن بلاد الله كثيرة فتنتقلوا إلى إحداها حيث الأمن ؟
وفى هذا قال تعالى :
"إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا"
حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا
طلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس الله يرسل عليكم حفظة والمراد ويبعث لكم حماة وهذا يعنى أن الله يخلق حافظ فى كل نفس "هو العقل أى البصيرة وهو يحمى الإنسان من عذاب الله حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا والمراد حتى إذا حضرت أحدكم الوفاة أماته رسولنا وهو ملك الموت وهم لا يفرطون أى وهم لا يعصون الله ما أمرهم
وفى هذا قال تعالى :
"ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون "
فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم
وفى هذا قال تعالى :
"فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعماله " سأل الله فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم والمراد فكيف يمنعون إذا أماتتهم الملائكة يعذبون مقدمات أجسامهم وخلفياتهم هذا العذاب ؟والغرض من السؤال إخبارنا بعدم قدرتهم على منع العذاب،ووضح له أن ذلك وهو العذاب سببه أنهم اتبعوا ما أسخط الله والمراد أطاعوا ما أغضب الله وهو الشيطان أى الباطل وكرهوا رضوانه والمراد وبغضوا حكمه الموصل لرحمته فأحبط أعمالهم والمراد فأخسر أجور أفعالهم حيث أدخلهم النار
وفى هذا قال تعالى :
"فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعماله "
فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم
وضح الله أن عيسى (ص)قال له:ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به والمراد ما تحدثت معهم إلا طالبا الذى أوحيت لى به وهو أن اعبدوا الله ربى وربكم والمراد اتبعوا حكم الرب إلهى وإلهكم وكنت عليهم شهيدا أى وكنت بأعمالهم عارفا ما دمت فيهم أى الوقت الذى عشت معهم فلما توفيتنى أى أمتنى كنت أنت الشهيد أى العارف لأعمالهم من بعدى وأنت على كل شهيد والمراد وأنت بكل أمر عارف من قبلى ومن بعدى.
وفى هذا قال تعالى :
"ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شىء شهيد"
الذين تتوفاهم الملائكة
وضح الله أن الذين تتوفاهم أى تميتهم والمراد تنقلهم الملائكة من الدنيا للأخرة ظالمى أنفسهم أى خاسرى أنفسهم وهم الذين كفروا "فيقول الكفار السلم أى الخير لكم وهذا يعنى أنهم يلقون التحية للملائكة وقالوا ما كنا نعمل من سوء والمراد ما كنا نفعل من شرك
وفى هذا قال تعالى :
"الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء "
الذين تتوفاهم الملائكة طيبين
وضح الله للنبى(ص) أن الذين تتوفاهم أى تميتهم أى تنقلهم الملائكة من الدنيا للحياة الأخرى طيبين أى طاهرين أى مسلمين يقولون لهم سلام عليكم أى الخير لكم،ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون والمراد اسكنوا الحديقة بالذى كنتم تفعلون وهذا يعنى أنهم يقولون لهم أن متاع الجنة لكم تقيمون فيها والسبب عملهم الحسن
وفى هذا قال تعالى :
"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "
أو نتوفينك فإلينا يرجعون
يطلب الله من نبيه (ص)أن يصبر أى يتبع حكم ربه ووضح له أن وعد الله حق والمراد أن قول الرب عن القيامة واقع فى المستقبل ووضح له إنه إما يريه بعض الذى يعدهم أو يتوفاه والمراد إما يشهده بعض الذى يخبرهم من العذاب وهو ما حدث أو يميته أى يأخذه إلى جنته ووضح له أنهم إليه يرجعون أى يحشرون إلى جزاء الله
وفى هذا قال تعالى :
"فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون "
أو نتوفينك فإلينا مرجعهم
وضح الله لنبيه(ص)أنه إما يريه ما يعد الكفار والمراد إما يشهده الذى يخبر به القوم من العذاب أو يتوفاه أى يميته والمراد يأخذه لجنته ووضح له أنه إليه مرجعهم وهو إيابهم مصداق لقوله بسورة الغاشية"إنا إلينا إيابهم "وهذا يعنى أن عودتهم هى لجزاء الله
وفى هذا قال تعالى :
"وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون "
ومنكم من يتوفى
نادى الله الناس مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير وهذه الحقائق لوضح أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،ووضح الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا "
الله يتوفى الأنفس حين موتها
وضح الله أنه يتوفى الأنفس حين موتها والمراد أن الرب يأخذ النفوس وهى ما يسمونها الأرواح وقت انتقالها من الدنيا لعالم الغيب
وفى هذا قال تعالى :
"الله يتوفى الأنفس حين موتها "
ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى
وضح الله للناس أنه هو الذى خلقهم أى أبدعهم من تراب مبلل وهو الطين وهذا الطين تحول لطعام أكله الأبوان فتحول إلى نطفة أى جزء يسير من المنى الذى يفرز عند الجماع ثم تحول الجزء اليسير وهو الحيوان المنوى والبويضة كما يسمونهم الآن إلى علقة أى قطعة لحم كاللحم الممضوغ وبعد ذلك يخرجكم طفلا أى يخلقكم وليدا ينمو ثم لتبلغوا أشدكم والمراد ثم لتصلوا قوتكم وهو شبابكم ثم لتكونوا شيوخا أى ثم لتصبحوا بعد ذلك عجائز ومنكم من يتوفى أى يموت من قبل فى أى مرحلة من المراحل السابقة وبعد ذلك لتبلغوا أجلا مسمى أى لتعيشوا عمرا محددا تموتون بعده
وفى هذا قال تعالى :
"هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى ولتبلغوا أجلا مسمى "
هو الذى يتوفاكم بالليل
طلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله هو الذى يتوفاكم بالليل والمراد الرب هو الذى ينيمكم فى الليل وهو وقت النوم ويعلم ما جرحتم بالنهار والمراد ويعرف الذى عملتم فى النهار
وفى هذا قال تعالى :
"هو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار "
ولكن أعبد الذى يتوفاكم
طلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس وهم الخلق :إن كنتم فى شك من دينى والمراد إن كنتم فى كفر بذكر الله فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله والمراد فلا أتبع الذين تتبعون من سوى الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم والمراد وإنما أتبع دين الذى يميتكم
وفى هذا قال تعالى :
"وقل يا أيها الناس إن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم "
والله خلقكم ثم يتوفاكم
وضح الله على لسان نبيه(ص) للناس أنه خلقهم أى أحياهم ثم يتوفاهم أى يميتهم مصداق لقوله بسورة الجاثية "قل الله يحييكم ثم يميتكم"
وفى هذا قال تعالى :
"والله خلقكم ثم يتوفاكم "
قل يتوفاكم ملك الموت
يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس الذين كذبوا لقاء الله:يتوفاكم ملك الموت والمراد يميتكم ملاك الوفاة الذى وكل بكم أى الذى اختص بإماتتكم ثم إلى ربكم ترجعون والمراد ثم إلى جزاء إلهكم تعودون
وفى هذا قال تعالى :
"قل يتوفاكم ملك الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون "
ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة
وضح الله لنبيه (ص)أنه لو يرى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة والمراد أنه لو يشاهد وقت تنقل الملائكة الذين كذبوا حكم الله من الدنيا لحياة البرزخ لشاهد الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم والمراد يعذبون الكفار من مقدمات أجسامهم ومن خلفيات أجسامهم وهذا يعنى أنهم ينزل العذاب بكل منطقة فى جسمهم
وفى هذا قال تعالى :
"ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم "
فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت
وضح الله أن اللاتى يأتين الفاحشة والمراد أن الإناث اللاتى يرتكبن الزنى مع بعضهن وهو ما يسمى السحاق يجب علينا أن نستشهد عليهن والمراد أن نحضر فى مكان زناهن أربعة من الرجال ليروا الزنى فإن شهدوا والمراد فإن حضروا فأقروا عند القاضى بزنى النساء فالواجب هو إمساكهن فى البيوت أى حبسهن فى المساكن حتى يتوفاهن الموت والمراد حتى تأتى لهن الوفاة فيخرجن للمقابر أو يجعل الله لهن سبيلا والمراد أو يشرع الله لهن حكما أخر يخرجهن من حبس البيوت
وفى هذا قال تعالى :
"واللاتى يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا"
حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم
وضح الله أن أظلم الناس وهو أكفرهم هو من افترى على الله كذبا والمراد من نسب إلى حكم الله باطلا وكذب بآياته والمراد وكفر بأحكام الله لما وصلته ووضح الله لنا أن أولئك الكفار ينالهم نصيبهم من الكتاب والمراد يأخذون حظهم من الحكم المكتوب لهم فى الكتاب الأعظم وهو عمرهم ورزقهم وعقابهم فى الدنيا حتى إذا جاءتهم رسلنا والمراد حتى إذا أتتهم ملائكة الله يتوفونهم أى يميتونهم قالوا لهم:أين ما كنتم تدعون من دون الله وهذا يعنى أنهم يقولون أين ما كنتم تعبدون من غير الله لينصروكم فيردوا ضلوا عنا والمراد تبرءوا منا وهذا يعنى أنهم انقلبوا عليهم ضدا فشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين والمراد فاعترفوا على ذواتهم أنهم كانوا مكذبين بدين الله
وفى هذا قال تعالى : "فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وكذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين"
ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين
وضح الله أن السحرة قالوا لفرعون:إنا إلى ربنا منقلبون والمراد افعل ما تريد إنا إلى جنة إلهنا عائدون وهذا يعنى أن تهديده لن يجعلهم يكفرون برسالة موسى(ص)وقالوا وما تنقم منا إلا أن أمنا بآيات ربنا لما جاءتنا والمراد وما يغضبك علينا إلا أن صدقنا بأحكام خالقنا لما أتتنا وهذا يعنى أنهم يعرفون أن سبب انتقامه منهم هو إيمانهم برسالة موسى(ص) وقالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين والمراد إلهنا أنزل فى قلوبنا سكينة وأمتنا مطيعين لك وهذا يعنى أنهم يطلبون من الله أن يعطيهم الطمأنينة حتى يقدروا على تحمل ألم عقاب فرعون ويطلبون أن يموتوا على الإسلام حتى يدخلوا الجنة
وفى هذا قال تعالى :
"قالوا إنا إلى ربنا منقلبون وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين "
وتوفنا مع الأبرار
وضح الله لنا أن أولى الألباب دعوه فقالوا :ربنا أى إلهنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان والمراد إننا علمنا كتابا يدعو للتصديق قائلا أن آمنوا بربكم أى أن صدقوا بحكم إلهكم فأمنا أى فصدقنا المنادى وهو القرآن فاغفر لنا ذنوبنا أى كفر عنا سيئاتنا والمراد اعفو عن خطايانا أى اترك عقابنا على جرائمنا وتوفنا مع الأبرار والمراد وأدخلنا الجنة مع المسلمين
وفى هذا قال تعالى :
"ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن أمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار "
توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين
وضح الله أن يوسف (ص)قال لله رب قد أتيتنى من الملك والمراد إلهى قد أعطيتنى من الحكم مصداق لقوله بنفس السورة "أتيناه حكما "وهذا يعنى عمله كعزيز لمصر وعلمتنى من تأويل الأحاديث والمراد وعرفتنى من تفسير الأحلام كما قيل بنفس السورة "بتأويل الأحلام" فاطر أى خالق السموات والأرض "أنت ولى فى الدنيا والآخرة والمراد أنت ناصرى فى الحياة الأولى وفى القيامة المشهودة توفنى مسلما والمراد أمتنى مطيعا لحكمك أى ألحقنى بالصالحين أى أدخلنى مع المسلمين الجنة والمراد أسكنى الجنة مع الأبرار
وفى هذا قال تعالى :
"رب قد أتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولى فى الدنيا والآخرة توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا
وضح الله لنا أن الرجال الذين يتوفون أى يموتون لأى سبب ويذرون أزواجهن أى ويتركون خلفهم زوجات حيات على الزوجات أن يتربصن بأنفسهن والمراد أن يبقين فى بيت الزوجية أربعة أشهر وعشرة أيام وهذا يعنى أن عدة الأرملة هى أربعة أشهر وعشرة أيام
وفى هذا قال تعالى :
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "
والذين يتوفون منكم
وضح الله لنا أن الذين يتوفون أى يموتون لأى سبب من رجال المسلمين ويذرون أزواجا والمراد ويتركون زوجات عائشات بعد موتهم الواجب هو وصية أى فرض فى الميراث لأزواجهم أى زوجاتهم هو متاع إلى الحول أى نفقة مالية تكفي الزوجة سنة بشرط غير إخراج والمراد بشرط عدم طلوعهن من بيت الزوجية للزواج من أخر فإن خرجن فلا جناح علينا فيما فعلن فى أنفسهن من معروف والمراد فإن طلعن من بيت الزوجية قبل مرور السنة فليس على الرجال عقاب بسبب الذى صنعته الأرامل فى أنفسهن من الخير وهو الزواج من أخر
وفى هذا قال تعالى :
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروف "