الوقفة الاولى: أدب وفن الإصغاء:
إن الإصغاء إلى المتكلم أدب وفن،
فبعض الناس قد يحسنه أدباً ولا يحسنه فناً،
وكثير من الناس والعوام لا يحسنونه أدباً ولا يعلمون أنه فن.
تأمل في موقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام رجل مشرك،
محارب لله ولرسوله،
يأتي ويتكلم بألفاظٍ ساقطة،
ويبدأ يساوم النبي صلى الله عليه وسلم،
على ماذا؟
على الدين وعلى الدعوة،
ويعرض عليه شيء من حطام الدنيا مقابل التنازل عن الدين،
ومع ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام يستمع بكل أدب،
مع أن كلام الرجل لا يعجبه،
ويعلم أنه باطل،
ومع ذلك يقف يستمع،
وينتظر حتى يكمل الرجل كل ما عنده،
ثم يسأله بعد ذلك،
((أوقد فرغت يا أبا الوليد،
فقال: نعم،
عندها قال له:
إذاّ فاسمع مني)).
أدب عظيم،
وخلق كريم،
نفقده في واقعنا ومجالسنا ومنتدياتنا،
واجتماعاتنا العامة والخاصة.
أدب الاستماع للطرف الآخر،
أدب الإصغاء للمتكلم.
$$$$$$$
ادخل أحد المجالس،
تجد أن الذين يتحدثون أحياناً عشرة.
هذا يتكلم من هنا،
وذاك يعلق من هناك،
والمجلس فوضى،
ما تأدب الناس بعد،
بهذا الأدب،
ثم لو قدّر بأن المتحدث شخص واحد،
وكان يتكلم في موضوع معين،
تجد بأن المستمعين له،
لا يتركون له مجالاً لكي يكمل حديثه،
بعد كل لحظة يقاطعه أحد، أو يعلق على كلامه آخر،
هذا في حالة ما إذا كان الكلام يعجبهم،
أما إذا كان حديث هذا المسكين لا يعجب الحضور،
فالله المستعان،
تجد أنه يقاطع، وبدون أدب،
بل ربما يُسكّت ولا يترك له مجال،
ليكمل حديثه.
مع أن الرجل لم يقل كفراً،
ولم يطعن في دين.
^^^^
يتبع