عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2014, 12:26 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
اجمل واحلا بنت بالكون

إحصائية العضو








البندري السديري will become famous soon enough

 

البندري السديري غير متصل

 


المنتدى : :: هدي خير العباد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ::
افتراضي قواعـــد نبويـــــــــــــة ..

[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:85%;background-color:black;border:5px inset sandybrown;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

قواعـــد نبويـــــــــــــة


د. عمر بن عبد الله المقبل


القاعدة الأولى: (إنما الأعمال بالنيات) (1)




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،
وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:




"قواعد نبوية"، والتي نبدأ فيها بذكر نماذج من تلك القواعد التي حوت من جوامع الكلم النبوي صنوفاً.




والقاعدة التي تتبوأ المنزلة الأولى من تلكم القواعد النبوية، وجوامع الكلم المصطفوية؛ قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات"، فهي قاعدة عظيمة، جعلها النبي صلى الله عليه وسلم ميزاناً للأعمال الباطنة، كما أنها أحد شرطي قبول العمل: الإخلاص.




فمن أخلص أعماله لله متبعاً في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الذي عمله مقبول، ومن فقد الأمرين أو أحدهما فعمله مردود، داخل في قول الله تعالى:"وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً"[الفرقان: 23].




ومن أخلص لله، واتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو داخل في قوله تعالى:"وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ"الآية[النساء:125]، وفي قوله سبحانه:"بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ"[البقرة: 112].




أما النية - التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القاعدة -: فهي القصد للعمل تقرباً إلى الله، وطلباً لمرضاته وثوابه، فيدخل في هذا: نية العمل، ونية المعمول له.




"والنية في كلام العلماء تقع بمعنيين:


أحدهما: تمييز العبادات بعضها عن بعض -كتمييز صلاة الظهر من صلاة العصر مثلاً، وتمييز رمضان من صيام غيره-، أو تمييز العبادات من العادات - كتمييز الغسل من الجنابة من غسل التبرد والتنظيف، وكمن يذبح شاة أضحيةً أو رغبةً في أكل لحمها، ونحو ذلك -، وهذه النية هي التي توجد كثيراً في كلام الفقهاء في كتبهم.



والمعنى الثاني - للنية في كلام أهل العلم -:بمعنى تمييز المقصود بالعمل، وهل هو لله وحده لا شريك له، أم لله وغيره؟ وهذه هي النية التي يتكلم فيها العارفون في كتبهم، في كلامهم على الإخلاص وتوابعه، وهي التي توجد كثيراً في كلام السلف المتقدمين رحمهم الله تعالى...، وهي - قبل هذا - التي يتكرر ذكرها في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، تارة بلفظ النية، وتارة بلفظ الإرادة، وتارة بلفظ مقارب لذلك، وقد جاء ذكرها كثيراً في كتاب الله عز وجل بغير لفظ النية أيضاً من الألفاظ المقاربة لها". (2)



أيها الإخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة:
إن الحديث عن هذه القاعدة يستحق أن يفرد بمجلدات! كيف وقد قال بعض الأئمة: إن هذا الحديث - يعني حديث النية - هو نصف الدين؟! ذلك أن الأعمال: إما ظاهرةٌ أو باطنة، فالأعمال الظاهرة دليلها: حديث "من عمل عملاً..."(3)، ودليل الأعمال الباطنة هو هذه القاعدة النبوية المحكمة: "إنما الأعمال بالنية".




أما كلام الأئمة في كونه ثلث الدين، أو ربعه،
أو خمسه، فهذا كثير ومشهور.



بل قال الإمام الشافعي رحمه الله: إن هذا الحديث يدخل في جميع أبواب العلم.



فحريٌّ بالعبد - بعد معرفة منزلة هذا الحديث العظيم والقاعدة النبوية المحكمة "إنما الأعمال بالنيات" - أن يستحضر هذا الحديث في أعماله كلها: بحيث ينوي "نية كلية شاملة لأموره كلها، يقصد بها وجه الله، والتقرب إليه، وطلب ثوابه، واحتساب أجره، والخوف من عقابه، ثم يستصحب هذه النية في كل فرد من أفراد أعماله وأقواله، وجميع أحواله، حريصاً فيه على تحقيق الإخلاص وتكميله، ودفع كل ما يضاده: من الرياء والسمعة، وقصد المحمدة عند الخلق، ورجاء تعظيمهم، بل إن حصل شيء من ذلك فلا يجعله العبدُ قصدَه، وغايةَ مرادِه، بل يكون القصدُ الأصيلُ منه وجهَ الله، وطلبَ ثوابِه من غير التفاتٍ للخلق، ولا رجاء لنفعهم أو مدحهم، فإن حصل شيء من ذلك - دون قصد من العبد - لم يضره شيئاً، بل قد يكون من عاجل بشرى المؤمن"(4).




وعوداً على بدء: فإن قوله صلى الله عليه وسلم- في هذه القاعدة النبوية العظيمة -:"إنما الأعمال بالنيات" أي: إنها لا تحصل ولا تكون إلا بالنية، وأن مدارها على النية، "أو أنَّ صلاحَ الأعمال وفسادَها بحسب صلاحِ النِّياتِ وفسادِها".(5)




فمن نوى فعل الخير وقصد به المقاصد العليا - وهي ما يقرب إلى الله - فله من الثواب والجزاءِ الجزاءَ الكامل الأوفى، ومن نقصت نيتُه وقصدُه؛ نقص ثوابه، ومن توجهت نيته إلى غير هذا المقصد الجليل؛ فاته الخير، وحصل على ما نوى من المقاصد الدنيئة الناقصة.




أيها الإخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة:
إن من أهم ما ينبغي للعبد أن يعتني به - وهو يقرأ هذه القاعدة "إنما الأعمال بالنيات" - أن يفتش عن مقاصده في أعماله، وتلك - والله - التي رفع الله بها شأن القوم من سلف هذه الأمة، وكلُّ من سلك طريقتهم في مراقبة القلب، والتفتيش عن إراداته، والاجتهاد في تنقية العمل من شوائبه الفاسدة؛ فله من الرفعة والقبول، وعلو المنزلة بحسبه.




ولقد تتابعت كلمات الأئمة في التنويه بهذا الأمر، وحسبك - أيها القارئ الكريم - أن تتأمل في قصة المرأة البغي من بني إسرائيل، التي لم تذكر إلا بجريمتها - وهي البغاء - ومع هذا لما سقت ذلك الكلب ابتغاء مرضات الله؛ غفر الله لها(6)؛ فانظر كيف انتقل هذا العمل اليسير إلى هذه المنزلة العالية من الثواب! وفي مقابل ذلك تأمل تلك الأفعال الكبيرة، ومنها: تطاير الرقاب عن أجسادها، كيف تنقلب بسوء النية إلى عملٍ يستحق صاحبه العقوبة عليه!




وحين سُئل صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، أو حمية، أو ليُرى مقامُه في صف القتال "أيّ ذلك في سبيل الله؟" فقال: {من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل اللهz(7).




يقول مطرِّف بن عبدِالله رحمه الله: صلاحُ القلب بصلاحِ العملِ، وصلاحُ العملِ بصلاحِ النيَّةِ".(8)



ويقول ابن رجب رحمه الله:"والأعمال إنما تتفاضل ويعظم ثوابها بحسب ما يقوم بقلب العامل من الإيمان والإخلاص، حتى إن صاحب النية الصادقة - وخصوصاً إذا اقترن بها ما يقدر عليه من العمل - يلتحق صاحبها بالعامل، قال تعالى: "وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ"[النساء: 100].



وفي الصحيح مرفوعاً: {إذا مرض العبد أو سافر كُتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماًz(9)، {إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم - أي: في نياتهم وقلوبهم وثوابهم - حبسهم العُذْرz(10) وإذا هَمَّ العبد بالخير، ثم لم يُقَدَّر له العمل؛ كُتِبت همتُه ونيتُه له حسنةً كاملة"(11)ا.هـ.



وما أجمعَ ما قال داود الطَّائيِّ: رأيتُ الخيرَ كلَّه إنَّما يجمعُه حُسْنُ النِّيَّة، وكفاك به خيراً وإنْ لم تَنْصَبْ.



أيها الإخـــــــــــــــــــــــــــــــــــوة:
لا يوجد في حياتنا عمل - مهما كانت منزلته - إلا ويرتبط بهذه القاعدة العظيمة: "إنما الأعمال بالنيات"، ومن ذلك: الإحسان إلى الخلق بالمال أو القول أو الفعل؛ فإن ذلك كله جميل وعظيم، وإذا اقترنت به نية صالحة كان ثوابه أعظم؛ تأمل جيداً قوله تعالى: "لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ"[النساء: 114]، أي: فإنه خير، ثم قال: "وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً"[النساء: 114] فرتّب الأجر العظيم على فعل ذلك ابتغاء مرضاته، وفي البخاري مرفوعاً: {من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّاها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله z (12) فانظر كيف جعل النية الصالحة سبباً قوياً للرزق وأداء الله عنه، وجعل النية السيئة سبباً للتلف والإتلاف!



وإذا كان هذا في الأمور المتعدية النفع؛ فإن قاعدتنا هذه "إنما الأعمال بالنيات" تجري النية في الأمور المباحة، والأمور الدنيوية:
"فمن قصدَ بكسبه وأعماله الدنيوية والعادية الاستعانةَ بذلك على القيام بحق الله وقيامه بالواجبات والمستحبات، واستصحَب هذه النية الصالحة في أكله وشربه، ونومه وراحته ومكاسبه؛ انقلبت عاداته عبادات، وبارك الله للعبد في أعماله، وفتح له من أبواب الخير والرزق أموراً لا يحتسبها ولا تخطر له على بال، ومن فاتته هذه النية الصالحة - لجهله أو تهاونه – فقد فاته خير كثير جداً" (13).



وبما تقدم - أيها الإخوة - يتبين أن هذه القاعدة جامعة لأمور الخير كلها، فحقيق بالمؤمن الذي يريد نجاة نفسه ونفعها: أن يفهم معنى هذه القاعدة، وأن يكون العمل بها نُصب (14) عينيه في جميع أحواله وأوقاته.



ولنختم بجميل من قول السلف - وهو قول سهلِ بن عبد الله التُّستَري رحمه الله -: ليس على النَّفس شيءٌ أشقُّ مِنَ الإخلاصِ؛ لأنَّه ليس لها فيه نصيبٌ". (15)



اللهم ارزقنا الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا..


_____________
(1) البخاري(1)، ومسلم(1907)بلفظ: "إنما الأعمال بالنية".
(2) جامع العلوم والحكم: (ص11).
(3) بهذا اللفظ أخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم 4/298 في البيوع: باب النجش، ومسلم(1718).
(4) بهجة قلوب الأبرار: ص6.
(5) جامع العلوم والحكم: (ص10).
(6) صحيح مسلم (2245).
(7) البخاري: (123)، مسلم: (1904).
(8) جامع العلوم والحكم: (ص13).
(9) البخاري: (2834).
(10) البخاري: (4161).
(11) جامع العلوم والحكم: (ص13).
(12) البخاري: (2257).
(13) ينظر: البهجة.
(14) قال ثعلب والقتيبي: نُصْبَ عيْنِي، بالضَّمِّ، أَي بِمَعْنى مفعول، أَي منصوبها، أَي: مَرْئِيّها، رؤيَةً ظَاهِرَة بحيثُ لَا يُنْسَى، وَلَا يُغفَلُ عَنهُ، وَلم يُجْعَلْ بظَهْرٍ. انظر: تاج العروس (4/ 279).
(15) جامع العلوم والحكم: (ص17).
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]






رد مع اقتباس