أيقظْ قلبكَ , وتذكرْ يومَ المعادِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه احد الكتابات الرائعه للامام القرطبي رحمه الله
فنحن بامس الحاجه للتذكره بالاخره واهوالها
خصوصا في زمن الفتن والماديات الطاغيه التي سلبت
الكثيرين منا نعمة الورع والخشيه والمراقبه..
تقبل الله منا ومنكم خالص الاعمال..
أيقظْ قلبكَ , وتذكرْ يومَ المعادِ.. للقرطبي رحمة الله عليه
اعلم أن سوء الخاتمة ـ أعاذنا الله منها ـ لا تكون لمن استقام ظاهره و صلح باطنه ما سمع بهذا و لا علم به ـ الحمد لله ـ و إنما تكون لمن كان له فساد في العقل أو إصرار على الكبائر و إقدام على العظائم فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة فيصطلمه الشيطان عند تلك الصدمة و يختطفه عند تلك الدهشة
و العياذ بالله ثم العياذ بالله
أو يكون ممن كان مستقيما ثم يتغير عن حاله و يخرج عن سننه و يأخذ في طريقه فيكون ذلك سببا لسوء خاتمه و شؤم عاقبته , نسأل الله العافية والسّلامة..
فيا عــــــــــبــــــــــدالله.................. ..... ..
يا هذا أين الذي جمعته من الأموال , و أعددته للشدائد و الأهوال , لقد أصبحت كفك منه عند الموت خالية صفرا , و بدلت من بعد غناك و عزك ذلا و فقرا, فكيف أصبحت يا رهين أوزاره , و يا من سلب من أهله و دياره , ما كان أخفى عليك سبيل الرشاد , و أقل اهتمامك لحمل الزاد , إلى سفرك البعيد , و موقفك الصعب الشديد ,
أو ما علمت يا مغرور : أن لا بد من الارتحال , إلى يوم شديد الأهوال , و ليس ينفعك ثم قيل و لا قال , بل يعد عليك بين يدي الملك الديان , ما بطشت اليدان , و مشت القدمان , و نطق به اللسان , و عملت الجوارح و الأركان , فإن رحمك فإلى الجنان , و إن كانت الأخرى فإلى النيران .
يا غافلا عن هذه الأحوال , إلى كم هذه الغفلة و التوان , أتحسب أن الأمر صغير, و تزعم أن الخطب يسير , و تظن أن سينفعك حالك , إذا آن ارتحالك , أو ينقذك مالك , حين توبقك أعمالك , أو يغني عنك ندمك , إذا زلت بك قدمك , أو يعطف عليك معشرك , حين يضمك محشرك ’ كلا و الله ساء ما تتوهم , و لا بد لك أن ستعلم .
لا بالكفاف تقنع , و لا من الحرام تشبع , ولا للعظاة تستمع , و لا بالوعيد ترتدع , دأبك أن تنقلب مع الأهواء , و تخبط خبط العشواء , يعجبك التكاثر بما لديك , و لا تذكر ما بين يديك , يا نائما في غفلة و في خبطة يقظان , إلى كم هذه الغفلة و التوان , أتزعم أن سترك سدى , و أن لا تحاسب غدا , أم تحسب أن الموت يقبل الرشا , أم تميز بين الأسد و الرشا , كلا و الله لن يدفع عنك الموت مال ولا بنون , و لا ينفع أهل القبور إلا العمل المبرور ,
فطوبى لمن سمع و وعى , و حقق ما ادعى , ونهى النفس عن الهوى , و علم أن الفائز من ارعوى { و أن ليس للإنسان إلا ما سعى * و أن سعيه سوف يرى }.
فانتبه من هذه الرقدة , واجعل العمل الصالح لك عدة , ولا تتمن منازل الأبرار و أنت مقيم على الأوزار , عامل بعمل الفجار , بل أكثر من الأعمال الصالحات , و راقب الله في الخلوات , رب الأرض و السموات , ولا يغرنك الأمل , فتزهد عن العمل , أو ما سمعت الرسول حيث يقول , لما جلس على القبور : [ يا إخواني لمثل هذا فأعدوا ] أو ما سمعت الذي خلقك فسواك يقول : { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى }