علاج الهم والغم والحزن
بسم الله الرحمن الرحيم
علاج الهم والغم والحزن من الكتاب والسنة
فى "جامع الترمذىِّ" عن أنس، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، "كان إذا حَزَبَهُ أمرٌ، قال:
"يا حَىُّ يا قَيُّومُ برحمتِكَ أستغيثُ".
وفى "مسند الإمام أحمد" عن ابن مسعود، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما أصابَ عبداً
هَمٌ ولا حُزْنٌ فقال: اللَّهُمَّ إنِّى عَبْدُكَ، ابنُ عَبْدِكَ، ابنُ أمتِكَ، ناصِيَتى بيَدِكَ، مَاضٍ فِىَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌْ
فىَّ قضاؤكَ، اسألُكَ بكل اسْمٍ هُوَ لكَ سَمَّيْتَ به نَفْسَكَ، أو أنزلْتَه فِى كِتَابِكَ، أو عَلَّمْتَهُ أحداً من
خَلْقِك، أو استأثَرْتَ به فى عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ: أن تَجْعَل القُرْآنَ العظيم رَبيعَ قَلْبِى، ونُورَ صَدْرى،
وجِلاءَ حُزنى، وذَهَابَ هَمِّى، إلا أذْهَبَ اللهُ حُزْنَه وهَمَّهُ، وأبْدَلَهُ مكانَهُ فرحاً".
وفى "الترمذىِّ" عن سعد بن أبى وَقَّاص، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "دعوةُ ذى
النُّون إذْ دَعَا رَبَّهُ وهو فى بَطْنِ الحُوتِ: {لاَ إلهَ إلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}،
لَمْ يَدْعُ بها رجلٌ مسلمٌ فى شىءٍ قَطُّ إلا اسْتُجِيبَ له".
وفى رواية: "إنِّى لأعلمُ كِلْمَةً لا يقولُهَا مكْروبٌ إلا فرَّج الله عنه: كَلِمَةَ أخى يُونُس".
وفى "سنن أبى داود" عن أبى سعيد الخدرى، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم
المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يُقالُ له: أبو أُمَامة، فقال: "يا أبا أُمامة ؛ ما لى أرَاكَ فى
المسجدِ فى غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ" ؟ فقال: هُمومٌ لَزِمَتْنى، وديونٌ يا رسولَ الله، فقال: "ألا أُعَلِّمُكَ
كلاماً إذا أنت قُلْتَهُ أذهبَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ هَمَّكَ وقَضَى دَيْنَكَ" ؟ قال: قلتُ: بلى يا رسول الله، قال: "قُلْ
إذا أصْبَحْتَ وَإذَا أمْسَيْتَ:اللَّهُمَّ إنِّى أعُوذُ بِكَ من الهَمِّ والحَزَنِ، وأعوذُ بِكَ من العَجْزِ والكَسَلِ،
وأعوذُ بِكَ من الجُبْنِ والبُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ من غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَال"،
قال: ففعلتُ ذلك، فأذهب الله عَزَّ وجَلَّ هَمِّى، وقَضى عنى دَيْنِى.
وفى "سنن أبى داود"، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لَزِمَ
الاستغفارَ، جَعَلَ اللهُ لَهُ من كلِّ هَمٍّ فَرَجاً، ومِن كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، ورزَقَهُ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِب"
وفى "المسند": أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا حَزَبَه أمرٌ، فَزِعَ إلى الصَّلاة، وقد قال تعالى:
{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالْصَّلاَة} وفى "السنن": "عَلَيْكُم بالجِهَادِ، فإنَّه بابٌ مِن أبوابِ الجَنَّةِ، يدفعُ اللهُ
به عن النُّفُوسِ الهَمَّ والغَمَّ".
ويُذكر عن ابن عباس، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "مَن كَثُرَتْ هُمُومُهُ وغُمُومُهُ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ
قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ".
وثبت فى "الصحيحين": أنها كَنزٌ من كنوز الجَنَّة.
وفى "الترمذى": أنها بابٌ من أبواب الجَنَّة.
هذه الأدوية تتضمَّن خمسةَ عشرَ نوعاً من الدواء،
الأول: توحيد الرُّبوبية.
الثانى:توحيد الإلهية.
الثالث:التوحيد العلمى الاعتقادى.
الرابع:تنزيه الرَّب تعالى عن أن يظلم عبده، أو يأخذه بلا سبب من العبد يُوجب ذلك.
الخامس:اعتراف العبد بأنه هو الظالم.
السادس:التوسُّل إلى الرَّب تعالى بأحبِّ الأشياء، وهو أسماؤه وصفاته، ومن أجمعها لمعانى الأسماء والصفات: الحىُّ القَيُّوم.
السابع:الاستعانة به وحده.
الثامن: إقرار العبد له بالرجاء.
الـتاسع: تحقيقُ التوكلِ عليه، والتفويضِ إليه، والاعترافُ له بأنَّ ناصيتَه فى يده، يُصرِّفُه كيف
يشاء، وأنه ماضٍ فيه حُكمُه، عدلٌ فيه قضاؤه.
العاشـر:أن يَرتَعَ قلبُه فى رياض القرآن، ويجعلَه لقلبه كالربيع للحيوان، وأن
يَسْتَضِىءَ به فى ظُلُماتِ الشُّبهات والشَّهوات، وأن يَتسلَّى به عن كل فائت، ويَتعزَّى به عن كل
مصيبة، ويَستشفِىَ به من أدواء صدره، فيكونُ جِلاءَ حُزْنِه، وشفاءَ همِّه وغَمِّه.
الحادى عشر: الاستغفار.
الثانى عشر: التوبة.
الثالث عشر:الجهاد.
الرابع عشر:الصلاة.
الخامس عشر:البراءة من الحَوْل والقُوَّة وتفويضُهما إلى مَن هُما بيدِه.
هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الوجع بالرقية
روى مسلم في "صحيحه" عن عثمان بن أبي العاص، "أنه شكى إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ضع يَدَكَ عَلَى الَّذي
تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وقُل: بِسْمِ الله ثلاثاً، وقُلْ سبع مرات: أعوذُ بِعِزَّةِ الله وقُدرَتهِ منْ شَرِّ مِا أجدُ
وأُحاَذِر"ففي هذا العلاج من ذكر الله، والتفويض إليه، والاستعاذة بعزته وقدرته من شر الألم ما
يَذهب به، وتكراره ليكونَ أنجعَ وأبلغ، كتكرار الدواء لإخراج المادة، وفي السبع خاصية لا توجد
في غيرها، وفي "الصحيحين": أن النبي صلى الله عليه وسلم، "كان يعوِّذُ بعض أهله، يمسح بيده
اليمنى، ويقول: "اللهمَّ رَبَّ الناس، أَذهِب الباَسَ، واشفِ أنت الشّافي، لا شِفَاء إلا شفاؤُك، شفاءً
لايغادرُسَقَماً".
ففي هذه الرُقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء، وأنه وحده الشافي،
وأنه لا شفاء إلا شِفاؤُه، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته.
,,
الإمام ابن القيم رحمه الله