#1
|
|||||||||
|
|||||||||
![]()
وردت جملة من الروايات في كتب المواليد والسير والتاريخ ونحوها في بيان أحداث مشهورة في مولد النبي عليه الصلاة والسلام، وبعض هذه الروايات لها أسانيد ضعيفة أو مردودة عند أهل العلم بالحديث، والمقال يذكر طرفا من هذا الموضوع
الرواية الصحيحة في النسب الشريف الطاهر روى مسلم في صحيحه[1] عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. وهذا الحديث عمدة في بيان سلسلة نسب النبي عليه الصلاة والسلام الشريف، وهو أول حديث افتتح به البخاري كتابه التاريخ الكبير، وله طرق جمعها الإمام العراقي في كتاب: “محجة القرب في محبة العرب” كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر. وفي هذا الحديث نص نبوي صريح على كونه عليه الصلاة والسلام أشرف وأعز منزلة ونسبا وحسبا ونفسا، وقد اختاره الله من خير النسب، ومن المصطفين الأخيار. وكفى بهذا الخبر وبهذا الحديث تنويها وإشادة بفضل النسب الشريف من غير حاجة إلى التكلف بسرد روايات لا سند لصحتها. نعم، لا خلاف في كون عدنان من عمود نسب إسماعيل عليه السلام قطعا، وإنما الخلاف في النسب الذي بين عدنان وإسماعيل عليه السلام، وقد أنكر الإمام مالك الخوض في ذكر الأنساب القديمة فيما قبل وما بعد إسماعيل إلى آدم، ويقول: من أين له علم ذلك؟ قال أبو عمر ابن عبد البر: كان قوم من السَّلف منهم عبد الله بن مسعود ومحمد بن كعب القرظي وعمْرو بن ميمون الأوْدِي إذا تلوا: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} [إبراهيم: 9] قالوا: كذب النَّسابون.[2] أي في سردهم شجرة النسب الشريف إلى آدم عليه الصلاة والسلام، لأنه لا من حصول الانقطاع في السند والذى يشمل قرونا لا يعلم حقيقتهم إلا الله جل فى علاه. الروايات الضعيفة والمردودة في أحداث مولد النبي هذا، وقد وردت جملة من الروايات في كتب المواليد والسير والتاريخ ونحوها في بيان أحداث مولد النبي عليه الصلاة والسلام وهذه الروايات لا تخلو من النظر والكلام، ومن ذلكم: 1- تفاصيل قصة زواج والدي الرسول عليه الصلاة والسلام لا أحد ينكر ثبوت زواج والدي النبي عليه الصلام والسلام من حيث الأصل، وهذا أمر مشهور والخبر به متواتر النقل جيلا بعد جيل بلا أدنى ريب. وقد ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء: فنكاح منها نكاح الناس اليوم: يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته، فيصدقها ثم ينكحها[3] وهذا النوع هو الذي أقره الإسلام دون بقية الصور، وعليه عمل سادة العرب وأشرافهم وفي مقدمتهم بنى عبد المطلب؛ مما يدل على أن نكاح أبوي النبي ﷺ كنكاح أهل الإسلام اليوم، من حيث الإيجاب والقبول والمهر والشهود. إلا أنه لم ترد تفاصيل الزواج من طريق صحيحة – كما قال الشيخ أكرم ضياء العمري- إذ مدارها على هشام الكلبي وعبد العزيز بن عمران والواقدي، وكلهم متروك عند المحدثين. وهؤلاء القوم مرجع الروايات الضعيفة والموضوعة، وليس كل ما نقل عنهم في السير والتأريخ مقبولا وإن كانوا أحسن حالا وصنعا فيها من غيرها. ويقول الشيخ أكرم ضياء:” وقد نسج بعض الكاذبين حكاية حول عبد الله أرادوا بها المبالغة بإضفاء طابع أسطوري على المولد النبوي، فادعوا أن بغيًا -ومرةً امرأة مستبضِعة، وثالثة: كاهنة، ورابعة: زوجة ثانية لعبد الله- دعت عبد الله إلى نفسها وقد رأت في عينيه نورًا، ففارقها إلى آمنة زوجه، ثم عاد إليها فامتنعت منه بحجة أن النور قد اختفى بعد لقائه آمنة!”[4] 2- شرف النسب وطهارة الرحم دل الحديث السابق على أنه عليه الصلاة والسلام قد خرج من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفّى مهذبا منزها عن المثالب والمعايب العرقية وخوارم المروءة. وقد جاءت روايات حديثية كثيرة تنص على هذا المعنى صراحة لكنها لا تصح أسانيدها، ومن ذلك ما روي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: ما ولدتني بغي قط منذ خرجت من صلب آدم ولم تزل تنازعني الأمم كابرًا عن كابرٍ حتى خرجتُ من أفضل حيين من العرب: هاشم وزهرة. وعن علي بن أبى طالب رضى الله عنه أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال: خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن ادم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء. وفي روية عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: “خرجت من لدُن آدم من نكاح غير سفاح” ونحو ذلك من الروايات التي لم تسلم من المقال وإن كان معناها صحيحة على حد قول الإمام الذهبي،[5] ولكن لا يحتاج إثبات انتساب الرسول عليه الصلاة والسلام للنسل النظيف الشريف إلى أدلة ضعيفة فضلا عن منكرة أو مكذوبة، وهو أمر مفروغ منه ومسلم به عند الناس لشهرته ولقيام أدلة أخرى صحيحة تؤدي المعنى نفسه بشكل أو آخر. 3- تفصيل صفة حمل آمنة بالنبي عليه الصلاة والسلام: قد تحملت كتب المواليد أخبارا وروايات تخبر عن عجائب وخصائص حمل آمنة بالنبي عليه الصلاة والسلام لتكون دليلا على صدق نبوته وصحة رسالته قبل أن يولد، وهي أخبار وقصص موضوعة ومنكرة أو شديدة الضعف، ومن أشهرها: أنه لما حملت آمنة بالنبي ﷺ ما شعرت به، ولا وجدت ثِقَلَه كما تجده النساء حتى بشّرت بأنها قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها وخير البرية، وأن كل دابة لقريش نطقت ليلة الحمل بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وقالت: حُمِلَ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتباشرت وحوش المشارق والمغارب ودوابها البحرية، وله في كل شهر من شهور حمله نداء في الأرض ونداء في السماء أن أبشروا فقد آن أن يظهر أبو القاسم ﷺ مباركا ميمونا، وصاح إبليس لعنه على جبل أبي قبيس فاجتمعت عليه الشياطين فقالوا: ما الذي أصابك؟ قال: قد استقر محمد في بطن آمنة[6] وهكذا تجد تلك المبالغات الشديدة في كتب النقال غير النقاد، الجامعين بين الغث والسمين جراء الغلو المذموم شرعا، ولا ينبغي الفرح بنشر مثل هذه النقول إلا أن يكون بقصد بيان سقطها وكذبها فحسب، كما هو سبيل الأئمة المحققين. ![]() |
![]() |
![]() |
|
, , |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|