مدينة الدرعية القديمة
إنها مدينة صنع فيها التاريخ أمجاد الآباء والأجداد، إذ شهدت أكبر حركة إصلاحية دينية في العالم الإسلامي، ففي العام 1158هـ الموافق 1745م، كان الاتفاق على ميثاق الدرعية بين أمير الدرعية الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب، إذ اتفق الإمامان على الدعوة إلى تصحيح عقيدة الناس مما علق بها من الشرك والبدع والخرافات وذلك بالعودة إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل ذلك باللسان والسنان.
وبذلك الاتفاق العظيم، فتح التاريخ ذراعيه للدرعية، لتدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وبدأت الحركة الإصلاحية، وانتشرت الدعوة السلفية، وأصبح لها نفوذ واسع، ومؤيدون في أنحاء الجزيرة العربية، وفي خارجها، وما أن جاء القرن الثاني عشر الهجري، حتى صارت أكبر مدينة في جزيرة العرب، يؤمها العرب من اليمن، وعمان، والحجاز، والعراق، والشام، في الوقت الذي كان فيه العالم الإسلامي مستغرقا في سباته العميق، يقبع في ظلمات من الجهل أو الفقر.
الدرعية . . الكفاح والتضحية
منذ قيام الدولة السعودية الأولى عام 1158هـ، التي تولى قيادتها الإمام محمد بن سعود، الذي توفي رحمه الله سنة 1175هـ، ثم تولى بعده الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، حيث ظهرت مقومات الدولة، وتكاملت بنيتها الأساسية، التي تشمل الجيش، والعتاد، والسلاح، والرجال، والمساحات الشاسعة المنتجة للخيرات، وبيت المال الذي ترد إليه الأموال، ودور العلم للتعليم، ورجال الأمن للحراسة والسهر، واستتباب الأمن، والضرب على أيدي العابثين، واتساع رقعة الدولة.
أظهرها رجال الدرعية لمدة خمسة أشهر وسيكتب بمداد من نور قصة الدماء الزكية، والنفوس الأبية، التي سقطت دفاعا عن العقيدة والدين.
الدرعية. . مصنع الرجال
عندما سقطت الدرعية اعتقد الكثير، أنه بسقوطها انتهى كل شيء، وانفرط عقد الوطن، وتبعثر رجاله، وأنه تم القضاء على الدعوة السلفية، وقضي على من تعهد بالدفاع عنها، وقد كان ذلك هو الهدف من غزو الدرعية، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة، فسرعان ما خابت ظنونهم، بعد أن اصطدمت بواقع جديد، صنعه بطل مقدام من آل سعود، ممن تعهد بالدفاع عن الدعوة، إنه الإمام تركي بن عبد الله آل سعود، مؤسس الدولة السعودية الثانية عام 1240هـ.
الدرعية .. اليوم
بعد انتقال عاصمة الدولة السعودية إلى الرياض، عادت الدرعية إلى سكونها وهدوئها، ولكنه سكون الجلال، والعز، والفخار بذلك الماضي المشرق المضيء.
إن زيارة آثار مدينة الدرعية من النزهات الممتعة، والمفيدة للأسرة، حيث رؤية تلك البيئة أو المدينة الكريمة، التي ترعرعت فيها الدعوة الإصلاحية، وشهدت تأسيس الدولة السعودية.
الدرعية .. المدينة .. والموقع
تقع مدينة الدرعية شمال غرب مدينة الرياض، على بعد عشرين (كيلو متر 11 من مركز المدينة، إلا أنها اتصلت بها حاليا مع امتداد العمران، رغم أنها لا تزال تتمتع باستقلال إداري ضمن إمارة منطقة الرياض.
و الدرعية القديمة تقع على ضفاف وادي حنيفة، الذي يقسمها نصفين، وقد تكونت فيها عدد من الأحياء التاريخية أهمها:
حي الطريف: وهو الحي الرئيسي في الدرعية وبه منزل آل سعود، يقع فوق الجبل الجنوبي الغربي من الدرعية، وهو محاط بسور محكم، يشرف على جميع الأحياء.
حي غصيبة:العاصمة الأولى للدرعية حتى عام 1100هـ/1682م.
حي البجيري: يقع على الضفة الشرقية من وادي حنيفة وبه مسجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومدرسته، وبيته.