[align=center][table1="width:95%;background-color:silver;border:8px double firebrick;"][cell="filter:;"][align=center]
الحج تجرد من الدنيا
فرض الله عز وجل الحج مع الاستطاعة إذ أن في الحج مشقة مالية وجسدية وصحية على الفقراء والمرضى والعجزة ,
إلا أنه من أعظم العبادات فهو الركن الخامس من أركان الإسلام الذي يؤثم من تركه وهو على استطاعة أن يؤديه ,
فمن سنحت له فرصة الاستطاعة في عام فليبادر لأداء فريضة الحج فقد أوجبها الله عز وجل مرة واحدة في العمر فلا نتهاون بها
فإننا محاسبون على أدائها .
إن الحج من أعظم الفرائض التي تهذب النفس البشرية وترقى بها للسمو الإنساني والأخلاقي الكريم , إذ أن في الحج يجرد الإنسان
من زينة الدنيا وزخرفها ويلبسه لباس الوقار والتقوى , ويخضع النفس البشرية تمام الخضوع والإذلال لله الواحد القهار ,
فالإنسان عندما يتجرد من ثيابه وزينته ويلبس الرداء والإزار الأبيض ويمسك عن الطيب ويترك كثير من نعم الدنيا ومن أهمها الأهل
والولد ليتوجه لخالقه يرجو رحمته وعفوه ومغفرته فإن في هذا تهذيب للنفس وإخضاع لشهواتها وتجريد لها من الدنيا وما فيها لتسير
في اطمئنان ووقار إلى الكريم الغفار الذي يجازي هذا الإقبال بخير الجزاء وأي جزاء إنه الجنة ذلك لمن حج ولم يرفث ولم يفسق ,
إنه الحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة .
فطوبا لحجاج بيت الله الذين جردوا أنفسهم من الدنيا وتوجهوا لمكان واحد في لبس واحد يدعون إله واحد يرفعون
له أكف الذراعة يرجون رحمته ويخشون عذابه , ويؤدون مناسكهم في خضوع وإيمان ووقار , إنها تربية إيمانية عظيمة
للنفس وتطهير لها من شوائب الدنيا الفانية وتهذيب لها من هوس شهواتها , فما أعظمه من ركن فيه الأجر والمثوبة العظيمة وفيه التهذيب السامي للنفس البشرية
هذا هو ركن الحج ركن يجرد النفس من الدنيا ويرقى بها لنعيم الآخرة في صعيد واحد ولباس واحد وتلبية واحدة إنه
تذكير بيوم المحشر وفيه يتساوى الغني والفقير وفيه تتوحد الصفوف والقلوب والألسن لتجسد أروع مظهر للإسلام والمسلمين .
إن في الحج منافع كثيرة وفوائد جمة أعظمها الفوز بالجنة وهي بغية كل إنسان ومطمع كل مسلم فكيف لنا أن نتهاون عنه أو
أن نتجاهله وهو ركن من أركان الإسلام , فاحرص أخي الحبيب إذا لم تحج في عمرك أن تبادر بأداء هذه الفريضة في أقرب
فرصة تستطيع فيها أن تؤديها , ولا تفرط متى ما استطعت فإن تفريطك أثم عظيم عليك , وجرب أن تحج مرة واحدة
ستجد نفسك مشتاقا للحج في كل مرة فعندما تجد نفسك في المشاعر المقدسة وأنت تؤدي مناسكك وتشاهد تساوي
الحجاج في ملبسهم ومطلبهم ستشعر بلذة لم تشعر بها قط في حياتك , فلا تحرم نفسك لذة العبادة في الحج وجرد
نفسك من الدنيا واتجه إلى الله فإن الله يباهي بحجاج بيته الملائكة , أفلا تريد أن تكون معهم ؟ إنه الفوز العظيم , إنه الفوز العظيم .
فما أروع النفس حين تتجرد من الدنيا وتلجأ إلى الله راغبة وراهبة في إزارها الأبيض وردائها الأبيض ليسود البياض
على قلبها وتطمئن جوارحها وتسكن ثورة شهوتها وتتهذب طباعها , فمتى ارتقى الإنسان إلى هذه الصفات ارتقت نفسه للسمو الإنساني والكمال الوجداني .
ما أعظمها من لحظة حين يقف العبد على صعيد عرفات الطاهرة يرفع يده بالدعاء لله ثم يفيض منها وقد غفر له ,
فهل نتهاون في هذا ؟ فمن لم يتيسر له الحج هذا العام فليعد العدة من الآن استعدادا لحج العام القادم وليجتهد
في ذلك وكل ميسر لمن يسر الله له والله أعلم بمن اتقى , ولنحذر التسويف فإنه من مسالك الشيطان التي يهبط بها عزائم
العباد عن العبادات , ومن يتقي الله يجعل له من أمره يسرا .
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
[/align][/cell][/table1][/align]