نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي
يدور المقال حول تأثيرات طاعة الله بالصلاة وترديد جمل معينة على دماغ الطائع وأن هذا أصبح علما بفضل جهاز معين يقيس مدى التقدم الروحى وقد استهل بالكلام التالى :
"منذ زمن طويل وعلماء الأعصاب والدماغ ( Neuro Scientists) يحاولون دراسة التأثيرات الفسيولوجية التي تطرأ على الدماغ في حالات العبادة وما ينتج عنها من خشوع وارتقاء روحي ونتج عن ذلك علم يسمى بـ (علم فسيولوجية الأعصاب في الدين والروحانيات) ( Neurobiology of Religion and Spirituality) وقد خطا هذا العلم خطوات إيجابية بفضل الجهاز الذي يسمى SPECT(Single Photon Emission Computed Topography) يعمل SPECT على تتبع سير الدم في الدماغ بعد حقن مادة مشعة في الدم وبذلك يمكن للباحثين دراسة النشاط العصبي في الدماغ حيث إن سير الدم يتوافق مع النشاط العصبي"
قطعا الفقرة تخريف فلا علاقة بين طاعة الله ممثلة فيما يعرفه عامة الناس بالصلاة والدعاء والذكر الذى مجرد ترديد لجمل مرات كثيرة وبين الدماغ ولا علاقة لتدفق الدم بتلك الطاعات
الطاعة والعصيان وهى الشكر والكفر عملية نفسية كما قال تعالى ":
ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غنى كريم"
وقال :
"ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله لغنى حميد"
وقال :
" إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها"
وبناء عليه فكل المرضى والذين سيمرضون بأمراض في دماغهم يكونون كفار لأن الدم لا يصل أدمغتهم بصورة عادية أو فوق عادية وهو كلام معناه مثلا أن يعقوب(ص) الذى أصيب بعمى في عينيه نتيجة لشىء ما في العصب الدماغى للعين كان كافرا وهو تخريف وفى عماه قال تعالى :
" فابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم"
وتعرض صاحب المقال لوجود مناطق مضيئة ومناطق خاملة في دماغ السامى روحيا وغيره فقال :
"وأصبح هدف العلماء والباحثين تحديد المناطق التي تضئ (تنشط وتحث) والمناطق التي تنطفئ (تصبح خاملة) عندما يعيش الإنسان لحظات من السمو الروحي واستشعار وجود الخالق ولا يسعني في حيز هذا المقال التبحر في نتائج هذه الدراسات "
وأما نتائج الدراسات الروحية المزعومة فقد لخصها الرجل فقال:
"ولكني سأورد أهم نتائجها فقد الباحثون أثناء دراستهم لظاهرة السمو الروحي والخشوع أن المنطقة الأمامية (الناصية) من الدماغ قد أضاءت (كما هو متوقع) فهذه هي منطقة التركيز ولكن الشئ غير المتوقع هو ما حدث للمناطق الأخرى في الدماغ من هدوء وانعدام تام للنشاط العصبي بل وإن هناك منطقة في الدماغ تسمى الفص الجداري العلوي ( superior Pariatal lobe ) قد انطفأت تماما وهذه المنطقة هي المسؤولة عن قدرة الإنسان على إدراك ومعرفة الوقت والزمن وتحديد اتجاه الجسد في الفضاء وهي المسؤولة عن الشعور بأبعاد الجسد (أين يبدأ وأين ينتهي) وعلاقته بما حوله من ماديات وأشياء وبالتحديد فإن الجزء الأيسر من هذه المنطقة في الدماغ هو المسؤول عن تحديد أبعاد الجسد البشري أما الجزء الأيمن فهو المسؤول عن خلق الإحساس بالأشياء التي تحيط بالإنسان وأي خلل أو إصابة في هذا الجزء من الدماغ تفقد الإنسان قدرته على التحرك وتحديد المسافات بينه وبين ما حوله"
وكلام الفقرة السابقة هو تخريف تام فلا علاقة للدماغ بالعمليات الفكرية لأن الدماغ يبقى في الجسم بينما النفس التى تفكر تخرج من الجسد أثناء النوم ثم تعود عند الصحو ولم يلاحظ أحد أن دمغه أو دماغ غيره خرج من جسده إطلاقا وفى هذا قال تعالى :
"الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى"
كما يتناقض مع أن العديد من الناس أزيلت أجزاء من أدمغتهم بسبب حوادث أو بسبب عمليات جراحية وهناك أناس مخلوقات بأدمغة صغيرة خاوية كما يقول الطلب إلا من خلايا قليلة ومع هذا لديهم معرفة وإحساس بكل شىء يحسه به كاملو الأدمغة
وحكاية أن الإحساسات تأتى من المخ تتعارض مع كونها في الجلد فهو من يحس بالألم ومن ثم يحرق الله جلود الكفار كلما نضجت ليعيد لهم الإحساس بالألم كما قال تعالى :
"إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب"
فلو كانت الإحساسات موجودة في الدماغ لكان الحادث هو تغيير الأدمغة وليس الجلود وهى كلمة تطلق على المواد الطرية في الجسم كلها فكل عضو هو من يحسه بألمه هو
ويصف الرجل السمو الروحى بأنه فقدان الشعور بالزمان والمكان وأنه ناتج من مرور تيار كهربى في الدماغ فيقول :
"وهذا ما يحدث للإنسان إثناء لحظات الخشوع والسمو الروحي من فقدان للشعور بالزمن والمكان وهذه اللحظات هي التي يصفها البعض بأنها اللحظات التي يستشعر الإنسان فيها ربه ويحس بوجوده ( find God ) ويعتقد الباحثون أن هذه اللحظات تنشأ من حدوث ما يشبه التيار الكهربائي في منطقة من الدماغ تسمى الفص الصدغي ( temporal lobe ) وقد ينشأ هذا التيار نتيجة ضغط عصبي أو نفسي أو حدوث كارثة شخصية أو إنهاك جسدي وهذا يفسر ما يشعر به بعض الناس من قربهم لربهم أثناء الضغوط الجسدية أو النفسية أو العصبية أو حدوث الكوارث الشخصية .... {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} (الإسراء: من الآية67) ... {وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً) (يونس: من الآية12)"
بالطبع عدم الشعور بالأمور هو صفة الكفار وليس صفة المسلمين ولذا قال تعالى في العديد من الآيات واصفا الكفار :
"إن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون"
وقال :
"ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون"
وقال :
"أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون"
وقال :
"أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات بل لا يشعرون"
ولا نجد آية واحد تصف المسلمين بعدم الشعور ومنه عدم الشعور بالزمان والمكان لأن تلك الصفة لو وجدت في المسلمين فهو هدف الكفار لأنهم ساعتها سيهاجمونهم ويقضون عليهم وهو ما تريده الحركة الصوفية من إبعادهم عن رصد تجركات الأعداء التى تتطلب شعورا مستديما بالمكان والزمان وما فيها كما قال تعالى :
" فاقعدوا لهم كل مرصد"
طاعة الله لا تقتصر على مجرد الصلاة والدعاء وليس فيها ترديد جمل عشرات ومئات المرات وإنما تشمل كل أحكام الله المطلوب تنفيذها وهو ما يتطلب نفسا متيقظة حتى لا تخطىء
وشعور الطيران أو شعور اللاشعور هو شعور يطلب الأعداء وضعه في المسلمين ولكن الرجل يجعله صفة للمسلمين فيقول :
"ويعتقد الباحثون أن التركيز العقلي والعاطفي أثناء العبادة سواء كانت صلاة او تسبيحا أو دعاء (انظر قصة في الأسفل) أو تأملا وتفكرا يقوم بدفع الدماغ إلى نشاط عصبي (كهربائي) متزايد تماما كما يفعل الخوف والكوارث وعندما يحدث ذلك يقوم جزء من الدماغ وهو المسؤول عن إعادة التوازن في الدماغ يسمى (هيبو كامبس) ( hippocampus) يكبح جماح النشاطات العصبية (تماما كما تفعل فرامل السياره) فالهيبوكامبس هو المسؤول عن حركة الأنشطة العصبية لأجزاء الدماغ المختلفة وقد اتضح أنه يقوم في هذه الحالات بمنع وصول الإشارات العصبية لمناطق في الدماغ مثل المنطقة المذكورة سابقا والمسؤولة عن القدرة على تحديد المكان والزمن ولذلك يشعر الإنسان في حالات الخشوع والسمو الروحي أن الحدود والحواجز المادية التي تحيط به قد سقطت وأصبحت روحه طليقة تجوب الفضاء الواسع بحرية وتستشعر عظمة خالقها وتذوب في وحدانية الكون بل وقد وجد الباحثون أن المنطقة المضاءة والمستثارة أثناء لحظات الخشوع (الفص الصدغي temporal lobe ) هي في المنطقة المسؤولة عن إدراك الكلام ( speech perception) وهذا يفسر دور قراءة أو سماع كلام الله أثناء الصلاة وتأثيره في إدراك السمو الروحي والخشوع بل إننا عندما نتأمل ما يحدث أثناء الصلاة التي كتبت علينا كمسلمين وللبشرية جمعاء وننظر إلى طريقة عمل الدماغ كما نعرفه اليوم بعلمنا المتواضع فإننا نجد توافقا لا نجده في غيرها من العبادات حيث تعمل قراءة أو سماع كلمات الله أثناء الصلاة على استثارة وتنشيط المنطقة المفترض فيها أن تكون نشطة لإحداث وإدراك الخشوع والسمو الروحي في حين تحرم مناطق أخرى في الدماغ من أي نشاط عصبي كما شرحنا سابقا مثل المنطقة المسؤولة عن تحديد المكان والزمان فتكسر الحواجز المادية ويتلاشي عامل الزمن وتلتقي النفس لخالقها وتسبح في ملكوته"
وأى حديث عن سمو روحى هو حديث باطل فالسمو هو في الطاعات كإطعام جائع أو مواساة إنسان أو مساعدته على الصبر على المصائب ... إلى أخر الصالحات والصالح ألول وهو الصلاة وهى ذكر الله أى تلاوى كلام الله الغرض منها هو أن يعمل المسلم بالأعمال فيها وهى الصالحات فهى التى تعطى الطمأنينة وليس وضع الطيران او فقدان الشعور كما قال تعالى :
" أفلا بذكر الله تطمئن القلوب "
ويحاول الرجل أن يشعرنا أن دراسات الكفار في الغرب تؤكد على ما قاله فقال :
"بل إن الدراسات الحديثة التي يقوم بها الغرب لتكشف لنا وجها آخر في حكمة اختيار الله للمعجزة الخالدة لتكون كلاما يسمع ويقرأ (القرآن الكريم) {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (العنكبوت:51)
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر: من الآية23)
وقد أدرك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتقت نفسهم وكانوا يخرجون من هذه الدنيا فور دخولهم في الصلاة فلا يحدهم مكان أو زمان خمس مرات في اليوم
قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز يوما: لابن أبي مليكه صف لنا عبد الله بن الزبير فقال: (والله ما رأيت نفسا ركبت بين جنبين مثل نفسه ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شئ إليها وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله لا تحسبه من طول ركوعه أو سجوده إلا جدارا أو ثوبا مطروحا ولقد مرت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي فوالله ما أحس بها ولا اهتز لها ولا قطع من اجلها قراءته ولا تعجل ركوعه)
ونذكر هنا قصة الصحابي عروة بن الزبير الذي أصابت رجله الآكله فأمره الأطباء ببتر ساقه فلما اجتمعوا لفعل ذلك قالوا له نسقيك المخدر (أي الخمر) فأبى تناول الحرام وقال دعوني أصلي فإذا دخلت في صلاتي فابتروها فدخل في الصلاة فبتروها ونشروا العظم نشرا فما أحس بشئ ثم إنهم سخنوا زيتا فغمسوا رجله في ذلك الزيت حتى يلتئم اللحم فما شعر بشئ ثم لما انتهى قال مامشيت بها في حرام قط)
فماتقول في مثل هذا؟؟؟؟؟؟"
قطعا الغرض من قراءة القرآن طاعته فهذه هى القشعريرة فيا فرحة الكفار بمن ترتعش جلودهم وهم يعصون الله ؟
لو كان الغرض من الصلاة وهى ذكر الله فقد الشعور بالدنيا وما فيها فلماذا إذا تجب طاعة القرآن وهى اتباعه كما قال تعالى :
" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"
وقال :
" أطيعوا الله "
فأى سمو روحى هذا الذى يجعلنى أفقد الإحساس بالزمان والمكان فلا أدرك ما يعانيه الناس من متاعب ومصائب أتركهم فيها ولا أفعل شىء ؟
فأى سمو روحى في أن أبكى وأرتعش عند قراءة القرآن ولا أطبق ما يقوله وهو أمر يكرهه الله كما قال :
" لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"